للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجيزون تقديم الكفارة قبل الحنث (١)، خلافا على رسول الله عليه السلام، وهم يجيزون تقديم الزكاة قبل وقتها (٢)، ويرون أن من نذر أن يصوم بعد غد، وصام غدا أنه يجزئه عن صيام بعد غد (٣).

واحتجوا في منعهم من السَّلَم في الحيوان (٤) بمرسل وضعيف: "نهى عن الحيوان بالحيوان نسيئة" (٥) وليس فيه أن لا يسلم غير


(١) قال الأحناف: لا يجوز تقديم الكفارة قبل الحنث قال الكاساني: "وجه قولنا أنه كفر بعد وجود سبب الوجوب، فيجوز كما لو كفر بالمال بعد الجرح قبل الموت". انظر: بدائع الصنائع (٣/ ١٩). وقال المؤلف في المحلى (٨/ ٦٥) بعد أن ساق مذهب الحنفية: " .. وأما الحنيفيون فتناقضوا أقبح تناقض لأنهم أجازوا تقديم الزكاة قبل الحول بثلاثة أعوام، وتقديم زكاة الزرع إثر زرعه في الأرض، وأجازوا تقديم الكفارة في جزاء الصيد بعد جراحه، وقبل موته، وتقديم كفارة قتل الخطأ قبل موت المجروح ولم يجيزوا للورثة الأذن في الوصية بأكثر من الثلث قبل وجوب المال لهم بالموت، ولا أجازوا إسقاط الشفيع حقه من الشفعة بعد عرض شريكه أخذ الشقص عليه قبل وجوب أخذه له بالبيع، فظهر تخليطهم وسخف أقوالهم، وبالله تعالى نعوذ من الخذلان".
(٢) مضى الكلام على فقه هذه المسألة.
(٣) انظر: تحفة الفقهاء (٢/ ٣٤٧).
(٤) قال مالك وأحمد: يجوز السلم في كل مال يضبط بالصفة، ويجوز بيعه كالحيوان والثمار والثياب والعبيد والدواب وغير ذلك، وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي: لا يجوز السلم في الحيوان، لأنه لا يمكن ضبطه بالوصف، إذ يبقى بعد بيان جنسه ونوعه وصفته وقدره جهالة فاحشة مفضية إلى المنازعة لتفاوت فاحش بين حيوان وحيوان.
وانظر: حلية العلماء (٤/ ٣٦٢) والمغني لابن قدامة (٤/ ٢٠٩)؛ وتبيين الحقائق (٤/ ١١٢) وبدائع الصَّنائع (ج ٧/ ص ٣٦٦) والفتاوَى الهندية (ج ٣/ ص ١٨٢).
(٥) أما المرسل: فأخرجه ابن حبان برقم (١١١٣) " موارد الظمآن" وعبد الرزاق في المصنف برقم (١٤١٣٣)، والدارقطني في السنن (٣/ ٧١) والبيهقي في الكبرى (٥/ ٢٨٩) =