للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متعمدا لنية الفطر فيه، ثم يحدث نية للصوم ما لم تزل الشمس (١)، بالخبر الذي فيه أن رسول الله عليه السلام: "كان يدخل على عائشة أم المؤمنين، فيقول عليه السلام: "هل من غذاء؟ ". فتقول: "لا". فيقول: "فإني صائم" (٢).

قال أبو محمد: وهذه فضيحة الدهر، وَقِحَةٌ (٣) لا نظير لها، لأن هذا خبر إنما جاء في صوم تطوع، وهم لا يجيزون ذلك في صوم التطوع أصلا، ولا يجزئ عندهم صوم التطوع إلا بنية من الليل ولا بد، ثم خصوا قبل الزوال (٤)؛ وليس في هذا الخبر ولا غيره فرق بين ما قبل الزوال وما بعده، فإن شهرة هؤلاء القوم لعظيمةٌ؛ وإن بلية الإسلام بهم لفظيعةٌ، نسأل الله تعالى العافية والعصمة.

واحتجوا لقولهم: لا يمس القرآن إلا طاهر بصحيفة عمرو بن حزم: "لا يمس القرآن إلا طاهر" (٥)، وخالفوه فلم يقولوا ذلك إلا في المصحف، وأجازوا مس الجنب والمحدث، والكافر الصحيفةَ فيها


(١) مضى الكلام في فقه هذه المسألة.
(٢) أخرجه مسلم في الصوم، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال (٨/ ٣٤)؛ وأبو داود في الصوم، باب في الرخصة في ذلك - يعني في النية في الصيام - برقم (٢٤٥٥)، والترمذي في الصيام، باب ما جاء في إفطار الصائم المتطوع برقم (٧٢٩ و ٧٣٠)؛ والنسائي في الصوم، باب النية في الصيام (٤/ ١٩٣).
(٣) يقال وقح الرجل من باب ظرف: قل حياؤه فهو وقح، ووقاح بالفتح بين القحة بكسر القاف وفتحها. وانظر: مختار الصحاح مادة وقح (ص ٥٧٩).
(٤) انظر: مختصر الطحاوي (ص ٥٣) والهداية (١/ ١٢٨) والمحلى (٦/ ١٦٠ - ١٦٤).
(٥) مضى تخريج هذا الخبر.