للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا كذب فاحش إذ أخبروا عن ضميرها، بِمَا لم تخبر عن نفسها، فهل يستجيز من فيه خير؟ ثُمَّ أعظم من ذلك وأدهى إخبارهم أنها - رضي الله عنهما - (١) لم تقرأ فيهما على أنها من القرآن لكن على معنى الدعاء بها، وهذا انسلاخ من الإسلام، وإحالة للقرآن وتحريف لكلام الله تعالى عن مواضعه.

ثم احتجوا في إباحة ترك قراءة أم القرآن في الأخيرتين (٢) بأنها كانت تقرأها فيهما: فهل في عدم الحياء أكثر من هذا؟ فإن قالوا: إنما عولنا على قولها (إنما هما دعاء) قلنا: كل الصلاة دعاء، وكل الزكاة دعاء، وكل عمل برٍّ في الأرض قصد المسلم في ذلك الرغبة إلى الله تعالى في تقبله منه، وأن يرحمه به فقط، ثم هم أول مخالف لفعل عائشة جملة، لأنهم يجيزون ترك القراءة في الأوليين، إذا قرأ في الأخريين (٣)؛ وهذا خلاف ما رووا عن عائشة في الاقتصار على الأخريين فقط.


(١) سقط لفظُ التَّرضي من (ت).
(٢) قال زيد بن علي والناصر: إن الواجب القراءة في الأوليين، وكذا قال أبو حنيفة لكن من غير تخصيص للفاتحة، وأما الأخريان فلا تتعين القراءة فيهما عندهم، بل إن شاء قرأ وإن شاء سبح زاد أبو حنيفة وإن شاء سكت وانظر: المختصر (ص ٢٨) ونيل الأوطار (ج ٢/ ص ٢١٣).
(٣) الذي عند الأحناف أن من قرأ في العشاء في الأوليين السورة: ولم يقرأ بفاتحة الكتاب لم يعد في الأخريين وإن قرأ الفاتحة، ولم يزد عليها قرأ في الأخريين الفاتحة والسورة وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف: لا يقضي واحدة منهما، لأن الواجب إذا فات عن وقته لا يقضى إلا بدليل. انظر الهداية (ج ١/ ص ٥٨).