يا كحيل العيون إنك ظبي ... بلقاه قد تسعف الأقدارُ
كل شيء يهون عندي إلا ... درهم ترتجيه أو دينارُ
هذا وكان فيهم الرؤساء والتجار، والعدد الذي لا يحصى ولكنه بلا مدد، على أنها كانت دار الكرام، ومدار بلوغ المرام.
فتغيرت تلك البلاد وأهلها ... وغدت حديثاً مثل أمس قد مضى
استغفر الله الستار، وإن نقل مثل هذا الكلام يدل على سخافة الناقل، ويقضي على أنه ليس بعاقل، ولكن ذلك دأب أهل القيل والقال، ورواج آداب هذا المجال. وكان البهلوان يلقي شيئاً من المواليات الرائقة وهو يمشي على الحبال، فكتبت منة هذا البيت لما اشتمل عليه من حسن الصنعة، ويسمى بالمنطق المردوف وذا الاشتقاق:
قطعت كم بيد أطلب من وصاله باد ... وبالجفا باد مالي مَنْ أخذ لي بيد
والقلب قد صيد مع محبوب لحْظُه صاد ... كم من أسد صاد ما لو من أسود وصيد
قلت الوفا عيد أمرضني ولي ما عاد ... والحُزن لي عاد من هجرُه وقربُه عيد
أحوى حوى جيد للمحسن المفدى جاد ... بالوصل ما جاد لكن كلّ فعله جيد
وفي هذا الوزن الراجح:
أنفقت كم عين والحبوب مالي عان ... وأنا الشجيّ العان أضحى دمع عيني عِين
والحبّ ما بين غزلان النقا والبان ... عنه العنا بان وانزاحت صروف البِين
محب لو حين وجنَاتُه طلا في حان ... والصبّ قد حان فيها شرب كأس الحين
لامسه شِين إلا دائماً نشوان ... قد أمنحو شان ما قارن بسعده شِِِِِين
وقد علمت أن هذا الوزن مبني على التسامح، واللحن يَعْذُبُ فيه إذا كان به، أحسن من أن يكون معرباً، بل قال السيوطي في شرح الموشح النحوي أنه يجب فيه اللحن. وفي كتاب منتهى الآمال من مشتهى الموال شيء من أحكامه. قيل وإليه وقعت الإشارة على وفق ما فرطنا في الكتاب من شيء بقوله تعالى والطير محشورة كلّ له أواب لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا كما قيل في استخراج اسم هود عليه السلام من قوله تعالى ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها بطريق التعمية. وأصل هذا الوزن من البحر البسيط، وسبب تسميته بالمواليا ما يحكى أن الرشيد لما قتل جعفر البرمكي أمر أن لا يرثى بشعر، فرثته جارية له بهذا الوزن حيث لم يكن