ولنبدأ أولاً بنسبه الشريف، فإن أنساب بني هاشم يقصر عنها طمع الطامع، أو هم كما قال:
وما دخولهم في الناسِ أو مُضر ... إلا دخول كلام الله في الكلمِ
فاقصر فإنك لا تحصي فضائلهم ... لو كان في كلّ عضو منك ألفُ فمِ
هو السيد المقدس المبرور أحمد بن عبد المطلب بن حسن ذي المآثر المشهورة
والنوادر المسطورة، ابن أبي نمي محمد بن بركات، وله الأخلاق الحسنة والشمائل المستحسنة، قبض عليه التركي عام تسع وتسعمائة وذهب به إلى القاهرة، فتألم لذلك أهل مكة المشرفة، وفي ذلك يقول ابن العليف:
عزيزٌ على بيت النبّوة والملك ... مقام على ذلِّ المهانة والفتكِ
وأعظم ما يلقى الكريم من الأسى ... على نفسِ ما يلقى من الضيم والضنكِ
برغمِ العلا والمجد والسيف والندى ... حصلت أبا عجلان في قبضةِ التركِ
وتلكَ لعمر الله أدهى مصيبة ... أصمّ بها الحاكي عن الحادثِ المَحْكي
فيالك من دهرٍ تناهت خطوبُهُ ... نظمت حصاةَ القلبِ والهمِّ في سلكِ
عدمتُ الليالي ما أمرّ صروفها ... وأخلقها باللومِ في الفعلِ والتركِ
رحلتم فربعُ الأنسِ ما زال موحشاً ... خليّاً وسِتْر العزِّ أصبح في هتكِ
وأسلمتم كلّ القلوبِ إلى الأسى ... فهذا الورى ما بين باكٍ ومستبكي
وغادرتُم في الكربِ جيرةَ طَيْبَة ... كذا حيرة البطحاءِ والحرمِ المكي
ولما استقلَّت بالمسيرِ خيولُكُم ... وحادي النوى يشكو إليه كما نشكي
وسرتم وسارَ الجودُ يمشي أمامكم ... وظلت بنو الآمالِ من خلفكم تبكي
رأينا الجبالَ الشمَّ والمجد والعلى ... تسير بها بُزل الجمال على وشكِ
وفي أيامه وأيام أبيه أبي نمي محمد، استولى على الديار المصرية ملك الروم السلطان سليم، وجهّز إليهما قاصداً بالاستقرار والاستمرار، وذلك في سنة تسع وعشرين وتسعمائة:
فلا عَدِمَتْهم نعمة خلقتْ لهم ... ودنيا بهم فيها الحياةُ تطيبُ