قبولها في مقابلة الفرس، فأمسى الوصيف على العربي فأضافه بالفرس. فلما أصبح كلمه في ذلك، فقال: إنك لما أمسيت علينا لم يكن عندنا ما نضيفك به، فذبحنا لك الفرس. فبُهِت الوصيف، ثم إنه دفع الألف إليه فأمتنع من قبولها، فبالغه الوصيف حتى قبلها، فلما رجع إلى سيده قَصَّ عليه الخبر. فقال له: ما فعلت بالألف؟ قال: أعطيتها العربي بالمبالغة. قال: نِعْمَ ما فعلت، ولو لم تفعل ذلك لرأيت ما تكره، وحيث فعلت ذلك فأنت حرّ. تُوفِّيَ السيد تاج المعالي سنة أربع وستين وأربعمائة وكان أميراً جليلاً جواد جميلاً، سارت بذكره الركبان، وشهدت بفضله العربان، وهو رابع من ملك مكة من الدولة الحسينية، فإنه ملكها عن أبيه الحسن بن جعفر، وملكها عيسى عن أبيه جعفر بن محمد الحسيني المستولي عليها بالسيف، فإنه دخلها وقتل من طوائف العرب الهذيلية والطلحية وغيرهم وأخلى الترك عنها، وبقيت في يده إلى أن دعاه واجب الإجابة فلباه، وذلك في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة أيام العزيز بالله الفاطمي.
وما هذه الأيام إلا صحائفٌ ... نؤرخُ فيها ثم تُمْحى وتُمْحق
وأعجب شيء أن دائرة المنى ... توسعها الآمال والعمر ضيق