المبارك بعون الله تعالى وتبارك، ولاقينا فيه الأزالمة بالمبرات، واتصلت بنا أخبار مصر
بالمسرات، ويباع فيه العليق بأقل من سعره في مصر، والوجه هذا شِعْبٌ فيه قلعة لطيفة فيها بئر وخارجها بئران، وكلها مطوية وماؤها من السيول، وربما لا يوجد بها أيام المحل، وهي منتهى أحكام مصر، وسمي بذلك لأن به تكون مواجهة الركب وكانت أوّلاً بالأزلم.
أنشد الحافظ ابن حجر العسقلاني وقد مرّ به فوجده متسنياً:
أتينا إلى الوجهِ المُرجّى نواله ... فشحّ ولم يسمح بطيب نداهُ
وأسفر عن وجهِ وما فيه من حيا ... فقلتُ دعوهُ ما أقلَّ حياهُ
ولما عاد إليه ممطوراً قد صفت مشاربه، واخضرت جوانبه، وطاب به المقيل فقال، وذلك مقال المستظل في الكلال:
أرانا الجميلَ الوجهِ مُعتذراً لنا ... فأَوليتُه شكراً وما زلتُ مُثنيا
وأَطرقتُ نحو الأرضِ رأسي خجلةً ... وما اسطعتُ رفعَ الرأسِ من كثرةِ الحيا
قلت: وإذا كان الحياء بمعنى ضد الوقاحة ممدوداً، كما قيل في الحديث الحياء من الإيمان والحيا بمعنى المطر مقصوراً، فما تمت التورية في النظم، اللهم إلا أن يقال ذلك على رأي من يرى قصر الممدود في الشعر، وهو أكثر من مد المقصور، فلا كلام. وفي المعنى لأبي عبد الله الفيومي:
ولما وجدنا الوجه عند ورودهِ ... خلياً من الماءِ القُراحِ فَناؤهُ
زممتُ مطيّي ثم قلت ترحّلوا ... فلا خيرَ في وجهٍ إذا قلَّ ماؤهُ
وقال آخر:
أقولُ ووادي الوجهِ سالَ من الحيا ... وقد طابَ فيه للحجيجِ مقامُ
على ذلك الوجهِ المنيرِ تحيةٌ ... مباركةٌ من ربِّنا وسلامُ