فقد ضل من قد قال فيهم بأنهم ... نهاراً وليلاً يعرضون على النارِ
فلما كان يوم الخامس والعشرين من جمادى الآخرة، قدم علينا الشيخ العارف شيخ القادرية بمدينة خير البرية، فسمعت منه حديث طيْبَة طيِّباً ًًُ كأنَّه في صفحات فكري رقيم، وظفرت من أخلاقه بمحاسن يجد السلوَّ بها الفؤاد السقيم، أنشدني للخطيب يوسف الثقفي قال: أنشدنيهما لما قدمت عليه بدمشق:
من رامَ يحظى بالمسَرَّةِ والهنا ... فليصْحَبَنّ العارفَ المدنيّا
فحديثهُ يشفي السقامَ وشكله ... في أيِّ زيٍّ شئتَه يتزيّا
وأنشدني لما نزل بدار مصطفى جلبي قصاب باشي:
إن في الروم سادة بلقاهم ... زال ما أشتكيه من أوصابِ
فاعذروني إذا انتميتُم لأسدٍ ... فأنا كلبُ مصطفى القصّابِ
وأنشدني فيما يناسب الحال:
إن الغنى يستهابُ كلّما اعتكرت ... دجى الكروبِ جلا عنها حنادسُها
لا تنفع الخمسة الأشياء مُحْدقة ... لديك إلا إذا ما كان سادسُها
وفي أول ليلة جمعة من شهر رجب الفرد، أُوقِدتْ المناير وعُمرت المساجد بصلاة الرغايب، وهي غير معروفة بالحرمين الشريفين. قال ابن الأثير في جامع الأصول: وهي أول ليلة جمعة من رجب تصلى فيما بين العشاءين ثنتي عشرة ركعة بست تسليمات، كلّ ركعة بفاتحة الكتاب مرة والقدر ثلاثاً والإخلاص ثنتي عشرة مرة. فإذا فرغ من صلاته قال اللهم صَلِّ على محمد النبي الأمي وعلى آله
بعد ما يسلِّم سبعين مرة، ثم يسجد سجدة ويقول فيها: سبوح قدوس رب الملائكة والروح سبعين مرة، ثم يرفع رأسه ويقول ربِّ اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت العلي الأعظم، وفي الأخرى الأعز الأكرم سبعين مرة، ثم يسجد ويقول مثل ما قال في السجدة الأولى، ثم يسأل الله تعالى.