بجيحون، النهر العظيم الفاصل بين خوارزم وبلاد خراسان وبين بُخارى وسمرقند، وكلّ ما كان من تلك الناحية فهو ما وراء النهر.
ثم أتينا على قرط كلال في ليلة النصف من شعبان، وفي مثل هذه الليلة يستدبر الإنسان القمر ويكشف رأسه، وينظر إلى ظل عنقه في ضوء القمر، فإن وجده مخلصاً فإنه لا يموت في ذلك العام، وإن كان لاصقا بين جنبيه فإنه يموت فيه، ومثل ذلك ما يفعل وقت شروق الشمس عند حلولها برج الحمل، ونحو ما يروى أن من رأى السُها ليلة المحرم بين العشاءين لم يمت في عامه، والسُها ثابت في الخامس والسادس على العناق، وهو الثاني من البنات، ومن علامته أنه لا يثبت عليه البصر، كذا في برهان البراهمة. وعلى ذكر السها:
يا شَمالا هبَّ من أكناف مَنْ ... وكّلَ الطرفَ بأن يرعى السُها
خبّريني هل حبيبي ذاكر ... ليَ أم عمّا ألاقيه سَها
وقال:
تالله ما فارقت أرضاً لكم ... إلا ورافقت السهى والسهادِ
ولا توجهت إلى نحوها ... إلا وواجهت الرشا والرشادِ
وقرط كلال هذا واد فيه خانات متعددة، وأرضه معشبة جيدة وماؤها معين، ولها بادية تأتي إلى الركب بما يحتاج إليه.
ثم أتينا على ياباس فلم نزل نسير في أوعار، وأحجار وأنهار، حتى أشرفنا على بساتينها التي طابت بالأنفاس، وشاهدنا محاسنها القائل لسان التصديق في جواب الاستفهام عنها لا باس:
للهِ كم نزهة يا صاحِ قد جمعت ... في روضةٍ أزهرت تُدعى بياباس
وكم بديع سبت عقلي شمائلُه ... ورُحت من فرحي بالوهم في ياس