وقيل إن دخل الجامع في كلّ يوم من أوقافه ألف ومائتا دينار، تُصرف المائتان في مصالحه، والباقي ينقل إلى خزانة السلطان، وبالجملة فإنه الجامع الذي هو لأشتات المحاسن جامع، والمسجد الذي من سجد في محرابه شاهد من محاسنه النور الساطع، ولا غَرْوَ إذ هو بيت مَلِك سَعِد من وقف بخدمته خاشعاً، وشقيٌّ من لم يسع إليه مخلصاً، ويأتيه طائعاً.
وإذا حلّت الهداية قلباً ... نشطت للعبادةِ الأعضاءُ
وقال:
أرى الحسنَ مجموعاً بجامعِ جلق ... وفي صدره معنى الملاحة مشروحُ
فإن يتغالى في الجوامع معشر ... فقل لهم باب الزيادة مفتوحُ
وقال:
الجامع الأموي أضحى حُسنه ... حسناً عليه في البرية مُجْمَعا
حَلَّوْهُ إذ حَلَّوْه فانظر صحنه ... تلقاه أصبح للحلاوة مَجْمَعا
ولقد تذكرت بذلك الجامع أوقاتي بتلك الروضة، وتشاغلت به فما أغنى التشاغل بمحاسن تلك الرياض وهاتيك الغيضه.
بهجة العين روضةُ المختارِ ... تتجلَّى في مشارق الأنوارِ
حرمٌ حلَّ فيه خير إمامٍ ... جامع الفضل قبلة الأبرارِ
أوّل العالمين في الخلق لكن ... آخر العالمين في الإنذارِ
باذخ الأصل ناسخ الجهل علماً ... راسخ الفضل شامخ في الفخارِ