ثم أخذنا في قطع المراحل، وسلوك فِجاج المسالك والمنازل، حتى مررنا بآبار الفقير، وهي أربعون بئراً فيما يقال، ثم أتينا على مَطران وهو واد قفر ممحل، وفيه يقول القائل:
مَطَ ران مثل الشِعب قفرٌ ممحل ... ما فيه من عطفٍ على ولهانِ
ومن العجائبِ أنه لم يولِنا ... مطراً ويُسْمى قفره مطران
ثم أتينا على بئر الزمرّد وهي على الجادة بين جبال متضايقة، فارتوى منها الظمآن، واطمأنَّ بها الولهان، ورحلنا عن ذلك الواد، وقد طاب الفؤاد:
ومرّ بي النسيمُ فرقَّ حتى ... كأنّي قد شَكوت إليه ما بي
ولم نزل نجوب الأغوار، ونقطع الفيافي والقفار، حتى أتينا على شِعْب النعام وهو قفرٌ خالٍ من الأنعام، اتفق أنّا اشترينا فيه من العرب قربة ماء بنصف دينار، ثم رحلنا وعنزةٌ تختطف من الركب ما كتب لها:
وإذا رأيت مصائباً في معشرٍ ... فحظوظ ضعفائهم أجلّ وأوفرُ