من البركتين عرائس تلك النخيل، وقال لسان حال دونك صفاء العيش والظل الظليل:
ولي ثمّ بين البركتين معاهدٌ ... على حفظها قلبي الحفيظ أمينُ
فيا طيبَ عيشٍ مرَّ لي في ربوعها ... ودادك باقٍ لستُ فيه أمينُ
وقال غيره:
صاح هذي أعلام طيبةَ لاحت ... وفؤادي على اللقاء حريصُ
وتبدَّت نخيلها للمطايا ... فعيونُ المطيّ للنخيل خوصُ
فترحَّلت، ولو أمكن لمشيت على الأحداق، وتمليت بهاتيك الأنوار وبذلك الإشراق، وحمدت الله تعالى على ما أولى وأنال، وأخذت أنشد قول من قال:
أيّها المُغرم المشوق هنيئاً ... ما أنالوك من لذيذِ التلاقي
قل لعينيكَ تهملان سروراً ... طالما أسعداك يوم الفراقِ
أبدل الحزنِ بالسرورِ ابتهاجا ... وجميع الأشجان والأشواقِ
وأمُرِ العين أن تفيض سِجالا ... وتوالي بدمعها المهراقِ
هذه دارهم وأنت محبّ ... ما بقاء الدموعِ في الآماقي
فتمليت من تلك الحضرة الشريفة، والروضة المطهرة المنيفة، بذلك المقام النبوي والمرام العلوي:
ولعيني لما بدا نور طه ... وحمىً فيه منبرٌ ومقامُ
قلتُ يا حاديَ الركائب قل لي ... هذه يقظة وإلا منامُ
ولما ألقيت العصا والجراب، وعزمت على ترك الذهاب والإياب، رأيت ركاباً تُعدُّ للسُرى، ورحالاً تُشدُّ إلى أم القرى، فعصفت بي رياح الغرام، واهتاج لي الشوق إلى البيت الحرام، فزممت ناقتي، ونَبذت علاقتي:
وقلتُ للائمي أقصر فإني ... سأختارُ المقَامَ على المقامِِ