في حالةِ البعدِ روحي كنتُ أُرسلها ... تقبّل الأرض عني فهي نائبتي
وهذه نوبةُ الأشباحِ قد حضرت ... فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
وتوقف النيل في أيامه، فأرسل إليه الملك الكامل وهو بالروضة، فكتب رقعة وأمرهم أن يلقوها في النيل، فلما ألقوها فيه زاد وغمر البلاد، وهي هذه الأبيات:
يا أيها النيلُ المباركُ إن تكن ... من عندِ ربكَ تأتِ فاجْرِ بأمرِه
أو إن تكن من عند نفسك آتياً ... فالله يبسط بِرَّه في بَرِّه
كم من بلاد لست تسلك أرضها ... ملأ الإله بيوتها من بِرِّه
قال الصليبي اللعين بكفره ... والكفر يركض في جوانب صدرِه
مسرى سرى والنيل أضحى واقفاً ... والدمع يجري من توقف بحرِه
ومضى النسيء وليس فيه زيادة ... إن النسيء زيادة في كفرِه
نحن الألى فزنا بجاه محمدٍ ... وبدينه وبفضله وبفخرِه
فغنيّنا يرجوه ذُخْرَ غنائه ... وفقيرنا يرجو نداه لفقرِه
يا بَرُّ إن البُرَّ أصبح غالياً ... فارخص بحق ما غلا من سعرِه
وأفض على السد المبارك ماءه ... واكسره ربّ فجبرنا في كسرِه
ومن أحسن ما رأيت بمصر المحروسة خان الخليلي فإنه كنز جمع من المحاسن أسناها، ولم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ومن سَعَته وتشعب طرقه يكاد يكون مدينة مستقلة، وفيه قيل:
كلُّ أرضٍ قد تسامت ... باقتضا أمر جليلِ
فعليها مصر جَلّت ... إذ حوت خان الخليلِ