الدرس الأول: لا فلاح ولا نجاح لهذه الأمة في الدنيا والآخرة إلا باتباع القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، قال عز وجل:{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}[المائدة:٤٩] وهذا تحذير واضح عن التفريط في أي جزئية من جزئيات الشرع الإسلامي.
وقد سار الصحابة رضوان الله عليهم على هذا النهج ولم يخالفوا، ولذلك سبقوا ونجحوا.
ولا معنى لاتباع القرآن دون اتباع السنة، فالصحابة ما كانوا يفرقون بين حكم جاء في كتاب الله وحكم جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما دام قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن المؤكد أنه لن يتعارض مع القرآن، ومن المؤكد أنه سيكون وحياً من الله عز وجل، قال عز وجل:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:٣ - ٤].
فالسنة مفصلة لما أجمله القرآن الكريم، والسنة مقيدة لما أطلقه القرآن الكريم، والسنة شارحة لما خفي عن الناس من أحكام القرآن الكريم، بل وأحياناً تأتي في السنة أحكام ليست في كتاب الله عز وجل، والمسلمون مأمورون باتباعها كاتباع القرآن الكريم تماماً بتمام.
وعلى سبيل المثال رأينا في هذه المجموعة اتباع الصديق رضي الله عنه وأرضاه لكل أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم، رأينا اتباعاً دقيقاً في كل خطوة، ورأينا إنفاذ بعث أسامة بن زيد رضي الله عنهما مع تعارضه مع عقول بعض الصحابة، لكن إذا أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم فلابد أن الخير سيكون في تنفيذه، ورأينا اتباعه لأمره في صلح الحديبية مع اختلاف حسابات البشر عن رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم رأينا بعد ذلك كيف كان الخير في ذلك الأمر.
ورأينا في السقيفة كيف انصاع الأنصار لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الأئمة من قريش) وهو ليس من القرآن، لكن الصحابة ما كانوا يفرقون بين قرآن ولا سنة، فالقرآن والسنة مصدران متكاملان للتشريع، ولو ترك المسلمون أحدهما فإنهم سيضلون لا محالة.
جاء في موطأ الإمام مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم).