الدرس الرابع: هو أن اتباع الشرع لا يضمن سعادة في الآخرة فقط بل يضمن أيضاً سعادة في الدنيا.
فأي الشعوب أسعد: الشعب الذي تتصارع فيه الفرق المختلفة على سلطة وحكم وسيطرة، أم هذا الشعب الذي رأيناه في المدينة المنورة وهو يخرج مطمئناً راضياً سعيداً بالاختيار مع أنهم يمرون بكارثة ضخمة وهي وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي؟ فاتباع الشرع يورث في القلب اطمئناناً إلى جوار الله عز وجل، وإلى دفاع الله عن المؤمنين، وهذا ولا شك يورث في القلب سعادة.
واتباع الشرع يزرع في القلب الرضا بما قسمه الله عز وجل، والرضا بما حكم الله عز وجل، والرضا بما أمر به الله عز وجل، وهذا الرضا لا شك يورث في القلوب سعادة.
واتباع الشرع يرسّخ مشاعر الأخوة والألفة والمودة بين المسلمين، ولا شك أن هذا المجتمع المتحاب في الله مجتمع سعيد.
واتباع الشرع يكون سبباً في أن تحل البركة؛ البركة في المال، والبركة في الأرض، والبركة في الجيش، والبركة في الأولاد، والبركة في كل الأعمال، فتجد بركات كثيرة تنهمر على الأمة المتمسكة بكتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم، قال عز وجل:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الأعراف:٩٦].
أخي في الله! لو رأيت انهياراً في الاقتصاد، وضعفاً في الجيوش، وانحلالاً في الأولاد، وبواراً في الأرض، واحتقاراً من كل صغير وكبير، ومن كل قليل وكثير فاعلم أن هذا عقاب من الله عز وجل، قال عز وجل:{وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الأعراف:٩٦]، {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:٣٠].
فطريق النجاح والرفعة والقوة والصدارة في الدنيا واضح ومعروف، قال عز وجل:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}[نوح:١٠] ماذا يحدث لو عدنا إلى ربنا واستغفرناه على ذنوبنا وتمسكنا بشرعنا؟ هل سيدخلنا ربنا عز وجل الجنة ويمتعنا في الآخرة فقط؟ لا، بل هناك شيء أقرب وجائزة سريعة، قال عز وجل:{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح:١١ - ١٢] كل هذا في الدنيا، وفوقه وأعظم منه نعيم الآخرة، فما أكرمه من إله! وما أحكمه من شرع!