تعالوا نرى هذا اليقين بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الاتباع لكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياة الصديق: أولاً: اليقين بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله عز وجل:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}[الزمر:٣٣].
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه في هذه الآية كما جاء في القرطبي: الذي جاء بالصدق محمد صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه.
وطبعاً الآية عامة، فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء بالصدق وكل من صدق به هو من المتقين، لكن يقول علي بن أبي طالب: إنها نزلت في الصديق رضي الله عنه وأرضاه، ونحن نجد أن حياة الصديق رضي الله عنه وأرضاه ما هي إلا تصديق مستمر متصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما شك لحظة فيما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان بحق الصديق.
ومن المؤكد أنه ليس عفوياً أو اعتباطياً أن الصديق سمي بـ الصديق، إذ نجد هذا التصديق في حياة الصديق من أول يوم عرض عليه فيه الإسلام، وعرض الإسلام على أبي بكر الصديق حدث لابد أن نقف معه وقفات ووقفات، فكيف قبل الصديق رضي الله عنه وأرضاه أن يدخل في دين جديد ما سمع به من قبل، وأن يترك دين الآباء والأجداد هكذا بمنتهى السهولة؟ وكيف قبل أن يخالف الناس أجمعين ويتبع النبي صلى الله عليه وسلم؟ إنه أمر عجيب! لابد أن يلتفت إليه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له عنه كبوة وتردد ونظر إلا أبا بكر، ما عتم عنه حين ذكرته) يعني: ما تردد، قال:(ما عتم عنه حين ذكرته وما تردد فيه) إنه يقين كامل أن هذا الرجل صلى الله عليه وسلم لا يكذب.
وسنأتي -إن شاء الله- في محاضرة لاحقة إلى تحليل هذا الإسلام المبكر للصديق رضي الله عنه وأرضاه، لكن هناك حادث يشير فعلاً إلى يقين الصديق بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشير إليه بوضوح، إنه حادث الإسراء.