للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب: إن مثل هذا القول الذي قالوه ... لا بد أن سمعوه من نبيهم في ذلك الحين ... أو من آبائهم الصالحين عن نبيهم .. لأن علمهم هذا لا يعرف إلا من مشكاة النبوة كما يفهم أن قائليه مؤمنون ... ولولا ذلك ما استشهد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وندب أمته أن يعملوا عملهم أي يتوسلوا إلى الله تعالى بأعمالهم الصالحة إما حز بهم أمر أو حلت بهم شدة أو نزل بهم كرب.

أما الأول: فقد توسل إلى الله ببره لوالديه وتفضلهما على أهله وأولاده ونفسه أما الثاني: فقد توسل إلى الله بعفته عن الحرام وعن الوقوع في الفحشاء مخافة الله. أما الثالث: فقد توسل إلى الله تعالى بأمانته واستقامته وبمعاملة أجيره كما يعامل بل وزيادة وكل فعل ذلك ابتغاء مرضاة الله تعالى لا خوفاً من العباد ولا طمعاً بإطراء منهم أو مديح ... أو جزاء.

ولا شك أن أعمالهم من أرفع الأعمال الصالحة ... فهي أعمال صالحة مرضية مقبولة رفعت إلى الله وسيلة لاستجابته الدعاء بنجاتهم من كربهم العظيم ... وكان كل توسل يصدر من أحدهم يكرمه الله تعالى فوراً باستجابة الدعاء ... إلى أن أجاب الجميع وأنقذهم من الصخرة ... وأزاحها عنهم ... بسبب توسلهم الصالح المخلص ... وخرجوا جميعاً يمشون .. !!

فعندما يذكر النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - مثل هذا الخبر عن الأمم السابقة ... يعلم الكل ما هو مقصده من ذكره فينشط الجميع إلى التأسي بمن ذكرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيتوسلون عند الاقتضاء كما توسل أولئك الثلاثة - رضي الله عنهم -.

إذا فذكر هذا الحديث وإيراده ... إنما هو حض وتحريض منه - صلى الله عليه وسلم - على العظة والأسوة والاقتداء وهكذا قد جعل أصحابه - صلى الله عليه وسلم - من بعده وكذلك القرون الخيرة ... ثم ظهر اقرن البدعة من وراء قرن الشيطان فنسي الهدي المحمدي والمنهج المصطفوي والصراط النبوي ... فماتت السنة وقامت البدعة فاستبدلوا التوسل المشروع بالتوسل الممنوع وجعلوا المخاليق وذواتهم هدف الغرض فتوسلوا بهم إليه تعالى وزين لهم الشيطان سوء أعمالهم فرأوها حسنة ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

<<  <   >  >>