للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثالث

قوله تعالى:

سيقول المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم ضراً أو نفعاً بل كان الله بما تعلمون خبيراً (١١) الفتح

يقول تعالى مخبراً رسوله - صلى الله عليه وسلم - بما يعتذر به المخلفون من الأعراب الذي اختاروا المقام في أهليهم وشغلهم وتركوا السير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعتذروا بشغلهم بذلك وسألوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يستغفر لهم وذلك قول منهم لا على سبيل الاعتقاد ... بل على وجه التقية والمصانعة.

إنهم وإن كانوا مصانعين في تعللهم بانشغالهم بأموالهم وأهليهم وطلبهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يستغفر لهم ... إلا أن هذه المصانعة بطلب الاستغفار لهم تدل على أن هذا الطلب معلوم شرعيته عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا ... ما دفعهم إلى طلبه منه ولولا علمهم بشرعية ذلك ... لما اتقوا به غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وثمة دليل آخر مستنبط من هذه الحادثة ... أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعترض على طلبهم الاستغفار لهم ... فدل على شرعية هذا الطلب ... ولو كان غير شرعي لنهاهم عنه فقبوله طلبهم وعدم نهيهم عنه دليل على شرعيته ولا شك.

وبذلك تثبت مشروعية التوسل إلى الله بدعاء المؤمن لأخيه المؤمن وصحة الاستدلال بهذه الآية عليه وهذا هو المطلوب والله الموفق للصواب.

وقد ثبت في القرآن توسلات أخرى من هذا التوسل المشروع ... وهي توسلات قوم موسى بدعاء موسى عليه الصلاة والسلام لأن يرفع الله عنهم الرجز

<<  <   >  >>