[إستأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - في العمرة فأذن وقال:((لا تنسنا يا أخي من دعائك)) فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا] وفي رواية: [قال: أشركنا يا أخي في دعائك))] رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
إن كل ما يتلفظ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أمور هذا الدين الكريم إنما هو تشريع ومكلف به هو وأمته عليه الصلاة والسلام فقوله عليه السلام:[لا تنسنا يا أخي من دعائك] حرص منه - صلى الله عليه وسلم - على ما سيلقاه من إجابة دعاء عمر من الخير من الله تعالى واستكثار من هذا الخير لأن أمته ستتأسى به في ذلك فيكون له أيضاً مثل أجورهم ولا يخفى في نصل طلب الرسول ... بدعاء عمر له ما فيه من التأكيد عليه بذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: [لا تنسنا ... ] فهذا ولا شك تأكيد منه بالدعاء وتوصية بعدم النسيان ففي حرصه - صلى الله عليه وسلم - على الخير من وراء هذا الدعاء وفي ما سيؤجر به من تأسي أمته به وفي هذا التأكيد منه على عمر بأن لا ينساه من الدعاء دليل قاطع على مشروعية طلب المؤمن من أخيه أن يدعو له ويتوسل بدعائه هذا إلى الله تعالى. وهذا مصداق ما ذهبنا إليه قبل صفحات من جواز توسل الأعلى بدعاء الأدنى له ... ولا شك في أن توسل الأدنى بدعاء الأعلى جائز من باب أولى.
ثم تأمل يا أخي القارئ المسلم ... مبلغ فرح عمر - رضي الله عنه - بهذا التكليف الكريم يصدر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يدعو له .. ! أجل تأمل يا أخي عمر وسروره العظيمين بهذا التكليف من قوله - رضي الله عنه -: ((كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا)) أي أن هذه الرعاية والعناية والتلطف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخصيصه بهذا التكليف الكريم وتحميله هذه الأمانة ما يستدل لو أنه بدل بها الدنيا وما فيها أي لو أعطي ما في الدنيا جميعاً بدل هذا التكليف لما قبل عمر بذلك ... بل فضل أن يحمل أمانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء له ... هذه الأمانة التي شرفه بها. وخصه بفضلها دون سائر المعتمرين ذلك العام ...