للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصالحة ... وهو استغفارهم الله الذي هو عمل صالح والثاني كان توسلاً بدعاء المؤمن لأخيه وكلا التوسلين كانا بإرشاد من الله تعالى فهل من دليل على مشروعية هذين التوسلين أدل من دلالة الله عليهما في هذه الآية ... ؟ ولما كان توسل المؤمن بدعاء أخيه المؤمن أحد نوعي هذين التوسلين هو الذي نحاول إثبات مشروعيته في هذا الفصل فقد أثبتنا ذلك من بيان أن الله تعالى هو الذي أرشد عباده إليه في جملة ما أرشدهم في هذه الآية الكريمة وحسبك من دليل ... إرشاد الله تعالى إليه وحض عباده عليه.

ومما يجب التنبه إليه والتنويه عنه هو أن الذهاب إلى الرسول واستغفار الله تعالى في مجلسه ثم سؤالهم رسول الله الاستغفار لهم واستغفاره - صلى الله عليه وسلم - لهم فعلاً .. كل هذا .. إنما ولا شك في حياته - صلى الله عليه وسلم - فلا يجوز لأحد بعد وفاته أن يأتي قبره - صلى الله عليه وسلم - ويسأله أن يستغفر الله له لأن استغفاره - صلى الله عليه وسلم - قد انقطع بوفاته وانتقاله إلى الرفيق الأعلى - بأبي هو وأمي - ولم يعد يستطيع الدعاء والاستغفار لانقطاع عمله بالوفاة.

وبناءً على ذلك فإن كل من سؤال منه بالاستغفار بعد وفاته محرم وليس لأحد أن يحتج بالآية على فعل ذلك فالآية خاصة بحياته - صلى الله عليه وسلم - لأن الله تعالى يحكي عن المنافقين الذين يصدون عن الحق وعن اتباعه (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله فاستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً).

إذا هذه حكاية عن واقع حال أيام الرسول - صلى الله عليه وسلم - يذكرها الله في القرآن ويرويها لنا لنتعظ بما فيها ونعمل بما نفهم منها .. ويبين لنا صحة ما إذا أردنا أن نتوسل بدعاء أحد لنا أو استغفاره الله من ذنب بدر منا أو إن نحن دعونا أو استغفرنا لغيرنا فيكون ذلك جائزاً منا أو منهم ... لا أن نذهب إلى قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أي قبر من قبور الصالحين ونسألهم أن يستغفروا لنا الله من ذنوب اقترفناها فهذا لا يجوز لأن وفاتهم حالت دون الاستغفار ودون أي عمل آخر كانوا يعملونه حال حياتهم.

<<  <   >  >>