للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو كان بهم خصاصة فقد وقوا شح أنفسهم وأفلحوا ونجحوا.

٣ - والذي جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ... هؤلاء المذكورون في هذه الآية هم المؤمنون المسلمون عامة ... والتابعون لهم أي المهاجرين والأنصار والمتبعون لآثارهم الحسنة وأوصافهم الجميلة والداعون لإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان في السر والعلانية.

وهنا نقف قليلاً ... عند قوله تعالى: (يقولون ربنا اغفر لنا وإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) ولا شك أن الله تعالى عندما يذكر هؤلاء وهم المؤمنون والمسلمون الذين اتبعوا المهاجرين والأنصار في كل ما تلقوه عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً وعملوا بمثل ما عملوا ... ثم يدعون لهم أن يغفر لهم أي لإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان لأنهم كانوا لهم هداة ومصابيح دلالة على الحق وبأسباب هذه الهداية كانوا مؤمنين ومسلمين فجزاء ما كانوا سبباً لذلك كان دعاؤهم لهم بالمغفرة والرحمة.

إذا فهؤلاء الذين جاءوا من بعدهم يتوسلون إلى الله تعالى بالدعاء لهم بالمغفرة جزاء ما أخذوا عنهم الصلاح والهدى والخير والحق وهذا دعاء بظهر الغيب من مؤمنين لمؤمنين قبلهم أخذوا عنهم الدين والإيمان وقد يكون هؤلاء بعيدين عنهم مئات السنين ولكن الدعاء يقطع عبر القرون السحيقة حاملاً لأولئك الرحمة والمغفرة من الله تعالى جزاء ما أسلفوا وخلفوا لمن بعدهم من الدين الصحيح والإيمان الحق.

وإن القرآن الكريم ليذكر صنيعهم الطيب بالرضا والتأييد ويسجل دعاءهم بالمغفرة لإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان ... ويهب بكل من تلقى من سلفه هدياً مماثلاً أن يدعو لهم دعاء مماثلاً بالمغفرة وهذا مما يدل دلالة قاطعة أن الله سبحانه وتعالى راض عن عملهم ودعائهم أيضاً سواهم على متابعة خطاهم أيضاً واتباعهم في هديهم مع سلفهم إلى أن تقوم الساعة فعمل يكون الله مؤيداً له وحاضاً عليه ... لا شك أنه يدل على مشروعيته القطعية التي لا غموض فيها.

<<  <   >  >>