في ذلك الزمن ... كان له معناه الحقيقي فكان بدهياً عند الجميع أن معناه طلب الدعاء فإذا قالوا: توسلنا مثلاً أي طلبنا منه الدعاء. ولم يكن التوسل بالذوات من مفاهيم المسلمين إذ ذاك بل هو من البدع المحدثة. على هذا الأساس من الفهم الصحيح كان معنى التوسل عندهم والاستسقاء الذي حصل كان توسلاً بدعاء رسول الله وكان مبنياً على أساس هذا الفهم. والأحاديث المتقدمة تشهد لهذا الفهم أيضاً ... بأنه هو المتبادر إلى الأذهان بل هو المقصود وليس من معنى آخر محتمل يخالف هذا المفهوم المقرر.
إذا فهم هذا ... علم أن توسل المؤمن بدعاء أخيه المؤمن له هو توسل مشروع متقبل وهو المطلوب أن يتخذه المؤمنون في جملة الوسائل المشروعة لقبول الدعاء. أما المفاهيم المخالفة التي تأبى أن تقر بهذه النتيجة وتصر على أن التوسل ليس له هذا المفهوم فحسب ... إنما يعني أيضاً التوسل بذات المتوسل به لقربه من الله لأنه عند الله مقدم وعظيم المكانة ... فمن أجل هذا يستجيب الله الدعاء!!! لا دعاء المتوسل به بل دعاء المتوسل بجاه أو بذات هذا المقرب إلى الله لمجرد قربه ومكانته كما هي حال الوزير عند الملك مثلاً!!! تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً وشأن الله أجل من ذلك. وهذه المفاهيم مفاهيم جاهلية ...
هذه المفاهيم الجاهلية ... ليست جديدة إنما هي مفاهيم أبي جهل وأبي لهب وأمية بن خلف بل هي أيضاً مفاهيم المشركين منذ أن كان الشرك على الأرض إنما سولها الشيطان وزينها لحزبه في كل زمان ... ليحول دون هداية رسالات السماء ...