فعلى هذا يكون الحديث ولا شك صحيحاً على أن صحته ليس فيها مستمسك لمن يحتج به على جواز التوسل إلى الله تعالى بذوات المخلوقين بل هو حجة عليهم وهو من الأحاديث التي تؤيد التوسل إلى الله بدعاء المؤمن لأخيه المؤمن ... وهذا - كما علمنا من الأبحاث الفائتة (١) - أنه من أنواع التوسل المشروع.
على أننا إذا أمعنا النظر في هذا الحديث ... تبين لنا أن الأعمى ما كان يقصد التوسل بذات الرسول - صلى الله عليه وسلم - بل بدعائه المستجاب ولولا أمل الأعمى بالشفاء بدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يأت وذلك للأدلة المستخلصة من نص الحديث نفسه فمن يمعن النظر فيه يستخلص منه الأدلة الآتية:
١ - قول الأعمى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -[ادع الله أن يعافيني].
٢ - جواب الرسول - صلى الله عليه وسلم - له:((إن شئت دعوت وإن شئت صبرت وهو خير)).
٣ - إصرار الأعمى على طلب الدعاء منه - صلى الله عليه وسلم - بقوله:[فادعه].
٤ - قول الأعمى في آخر دعائه الذي علمه إياه رسول الله:((اللهم شفعه في))
٥ - وروى الترمذي في سننه والحاكم في مستدركه زيادة في الدعاء وهي قوله:((وشفعني فيه)).
٦ - وهناك دليل مستنبط من الحديث نفسه أو من واقع الأعمى ومجيئه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وإننا نود أن نعالج كل دليل ونشرحه ليتضح الحق جلياً بالحجة والبرهان فنقول وبالله المستعان:
١ - إن قول الأعمى [ادع الله أن يعافيني] فيه بيان واضح جلي لقصد الأعمى من المجيء وهو أنه ما جاء إلا من أجل أن يدعو له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفاء من ضره.