إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولما كان هذا ليس من مراده إنما يريد الدعاء منه - صلى الله عليه وسلم - فإن هذا ... يستلزم حضوره وإخبار الرسول بما حصل معه من العمى ثم سؤاله أن يدعو له ليعافيه الله لاعتقاده أن دعاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - مستجاب فيحصل من الدعاء على مراده من الشفاء.
وهكذا فقد حضر الأعمى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلب منه الدعاء فدعا له فاستجاب الله الدعاء من رسوله فعاد بصيراً كأنه لم يكن فيه من ضر.
فإذا استجمعنا هذه الأدلة الستة .. على ثبوت دعاء رسول الله للأعمى ... توحي لنا أمراً هاماً يدور عليه مآل الحديث ونستكشف معناه بشكل واضح وهو: أن معنى: ((اللهم إني أسألك بنبيك)) أي بدعاء نبيك ولا يفهم منه التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم - ولا كان هذا مراد الأعمى من مجيئه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى وإن معنى التوسل المتبادر إلى أذهان الصحابة - رضي الله عنهم - في ذلك الوقت كان محصوراً فقط في طلب الدعاء من المتوسل به وليس له المعنى المتعارف عليه عند البعض في زمننا الحاضر أي التوسل بذات المتوسل به فقط كان مثل هذا التوسل ينفر منه الصحابة رضوان الله عليهم لأنه من مفاهيم الجاهلية التي من أجل وجودها بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة.
لا سيما وإن لفظ الحديث ومآله ومفاهيم اللغة العربية وقواعدها كل ذلك يشهد للحديث أن معناه هو التوسل بدعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى هذا يتبين سقوط استدلال المجوزين للتوسل بذوات المخلوقين بهذا الحديث ويثبت عدم شرعية هذا الاستدلال لأن هذا الحديث لا يعطي المعنى الذي يريدونه ألبتة ... لما بيناه من مراد الأعمى من الحضور إليه - صلى الله عليه وسلم -.
إن الشبه والظنون التي يتمسك بها القوم ... في سبيل دعم دعواهم لا تغني عن الحق شيئاً ... وإن مجرد إيراد الحديث دون التأكد من صلاحه للاحتجاج هو الذي يعطي من يحتج به هذه النتيجة المعكوسة وليس المهم أن تقدم حديثاً صحيحاً فقط ... إنما يجب أن يكون هذا الحديث الصحيح له متعلق بالبحث الذي تريد أن تثبته ولكن مجرد إيرادك إياه فقط ظناً منك أن