للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى (وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) فيه تهديد ووعيد من الله تعالى، لمن ينحرفون عن دعاء الله بأسمائه الحسنى ويدعون غيره. ويأمر تعالى بمقاطعة الذين يلحدون بأسمائه عند التأكيد من عنادهم الباطل وعدم انقيادهم للحق فإن الله أعد لهم ما يستحقون من العذاب والنكال والعياذ بالله تعالى:

إن ما تقدم من قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ... ) أمر منه سبحانه بأن نتوسل إليه بأسمائه الحسنى في جملة التوسلات المشروعة كما يكون دعاؤنا إليه أقرب للإجابة ولا شك في أن ما يصح في الأسماء يصح كذلك في الصفات لأن الأسماء مشتقة من الصفات غالباً ... ولا يعقل أن تكون أسماء وصفات لغير ذلت. إذا .. فيكون المتكلم القائل: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ... ) هو ذات الله تبارك وتعالى وتقدس.

وعلى هذا تكون هذه الآية من حيث الحض على التوسل بأسماء الله الحسنى شاملة أيضاً الحض على التوسل بالصفات العلى والذات العلية لأن هذا النوع من التوسل من أعلى أنواع التوسل المشروع وأقرب أسباب الإجابة لدعاء الداعي فجلت وعزت ذاته عن ذوات المخلوقين وتعالت أسماؤه وتنزهت عن أسماء المخلوقين وتقدست صفاته وتسامت عن صفات المخلوقين. (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).

هذا الرب العظيم وهذا الإله المتعال هو الذي يدعو عباده إلى التوسل إليه وإلى التقرب إلى جنابه العزيز ويرشدنا في قرآنه الكريم إلى توسلات الأنبياء والرسل وكيف كانوا يتوسلون إليه لنتخذهم قدوتنا الصالحة وأسوتنا الحسنة وما هو جلت صفاته وتقدست أسماؤه يعطينا الأمثلة لتكون لنا حافزة على الاقتداء بأنبيائه ورسله والتأسي بهديهم. على هذا الصراط المستقيم.

<<  <   >  >>