للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلقه فقال: (الذي خلقني فهو يهدين والذي يطعمني ويسقيني وإذا مرضت فهو يشفيني والذي يميتني ثم يحييني والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين).

إنه - صلى الله عليه وسلم - قد وصف لهم جانباً من صفات هذا الرب الجليل الذي خلق الخلق جميعاً والذي يهدي قلوب عباده إلى الحق وينعم عليهم. فما من نعمة في الأرض ولا في السماء إلا وهو مسديها إليهم. فهو الذي يطعم ويسقي وإذا مرض عبده فهو الذي يشفيه من مرضه ويعافيه، وهو الذي يميته ويحييه ويبعث من في القبور. وهو الذي - من حلمه وكرمه وعفوه - يجعل عباده طامعين في مغفرته وعفوه.

هذه الصفات الجليلة العلى هل يتصف بها آلهتهم، أم هي صماء بكماء لا تعي ولا تسمع ولا تبصر؟ إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ... هكذا كان لا يعرف قومه بصفات هذا الرب الجليل، ويلفت أنظارهم إلى أن الذين يعبدونهم من الأصنام والآلهة إنما هي عبادة باطلة إذ لا يستحق العبادة إلا الذي خلق وهدى وأطعم وسقى وأمرض وشفى وأمات وأحيا كل ذلك قاله إبراهيم بصيغة المتكلم ليثبت لقومه الكافرين بالله تعالى أنهم على ضلال وإنه على الهدى والحق ويدعوهم إلى هذا الهدى وإلى هذا الحق وإلى الإيمان بهذا الرب العظيم الجليل المتعال والاعتراف بهذه الصفات العلى والإيمان بها. وحرضهم على التوبة إليه تعالى مما فرط منهم. فقال: (والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين). وكأنه يلفت أنظارهم إلى أن الله تعالى كما أنه يغفر له ويطمع بذلك يوم القيامة فكذلك إنهم إن آمنوا واتقوا فإن الله تعالى يغفر لهم ما قد سلف والإسلام يجب ما قبله.

إن هذه الصفات العلى لله تعالى التي وضحها إبراهيم في توسله بها جعلها

<<  <   >  >>