للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عز وجل: (وما أنت بمسمع من في القبور (١)) والرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد أن توفاه الله هو من الموتى ومن أهل القبور فثبت أنه لا يسمع دعاء أحد من أهل الدنيا وإن كان هو والأنبياء لا يبلون لن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء كما جاء في الصحيح ولكنهم أجساد بلا أرواح وهم أموات ولا شك فإن الموت شيء وعدم البلى شيء آخر فمن كان ميتاً لا يمكن أن يسمع أحداً من أهل الدنيا فإذا ثبت عدم السماع يثبت عدم الإجابة لأن السمع هو همزة الوصل لحصول الجواب وإذا لم يسمع طلب الاستغفار؟ ثم إذا فهم هذا فأي معنى يبقى من طلب الاستغفار؟ الجواب: لا معنى لطلب الاستغفار أبداً.

وما يضير هذا المستغفر إذا توجه إلى الله وتاب من ذنوبه وطلب من الله المغفرة؟ أو اختار أحد الصالحين وكلفه أن يدعو له فلا مانع من ذلك كما طلب عمر من العباس رضي الله عنهما أن يستسقي للمسلمين بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يطلب عمر - رضي الله عنه - من رسول الله بعد وفاته أن يستسقي للمسلمين. ولو كان هذا جائز لفعله عمر - رضي الله عنه - ولكن لم يفعل ذلك لأنه يعلم أن رسول الله التحق بالرفيق الأعلى ولم يعد يستطيع الدعاء وما أشبه ذلك.

ثم ما قولك يا أخي المسلم الكريم أن هذه الآية لم تنزل لهذا الغرض مطلقاً ولا علاقة به ألبتة إنما الآية نزلت في المنافقين الذين كانوا يصدون الناس من متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويتحاكمون إلى الطاغوت وإذا احتاجوا إليه في أمر من الأمور أتوا إليه معتذرين ويحلفون: ما أردنا بذهابنا إلى غيرك إلا مداراة ومصانعة لا اعتقاداً منا بصحة احتكامنا إلى الطاغوت فهؤلاء إذا جاءوا النبي واستغفروا الله من نفاقهم في مجلسه وسألوه أن يعقب على استغفارهم لأنفسهم بأن يستغفر الرسول لهم عندما يجدون الله تواباً رحيماً ولكن لم يجيئوا ولم يستغفروا ولم يستغفر لهم الرسول فيما علاقة هذا ... بواقع الأعرابي الذي جاء رسول الله بعد وفاته وطلب منه وهو ميت أن يستغفر له ... ؟!

نعم لا علاقة بين الموضوعين بل ولا قياس بين الواقعين وتفارقها لاختلافهما وتفارقهما على أن واضعي هذا الحديث ما كان قصدهم إلا التغرير والإفساد والتضليل


(١) /٢٢/ فاطر

<<  <   >  >>