للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعل ذلك الأعرابي المزعوم ثم وعلى فرض أن الحادثة واقعية ... أى حجة (للقوم ... ) على جواز ما يزعمون من التوسل بذوات المخلوقين ... إن عمل الأعرابي من أوله إلى آخره صحيحاً كان أو موضوعاً ليس فيه أى دليل على جواز التوسل بالمخلوقين وإن عمله لم يكن قط توسلاً بالرسول - صلى الله عليه وسلم -. وكل ما في الآمر أنه أتى تأولا للآية (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك ... ) ظاناً أنه يمكن أن يستغفر له الرسول بعد وفاته ... وأن يشفع له ... في الوقت الذي لما يحن بعد زمن الشفاعة، وما وقتها وزمنها إلا بعد يوم القيامة وبعد الإذن منه تعالى لمن يشاء ويرضى. وحق أن في بعض الروايات عن الأعرابي زيادة بيت على البيتين اللذين أنشدهما أمام قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم -. ففي هذه الرواية ينشد الأعرابي ثلاثة أبيات:

يا خير من دفنت في القاع أعظمه

نفسى الفداء لقبر أنت ساكنه

أنت النبي الذي ترجي شفاعته ... * ... فطاب من طيبهن القاع والأكم

فيه العفاف وفيه الجود والكرم

عند الصراط إذا ما زلت القدم

* ...

*

وهكذا ترى يا أخي أن الأعرابي هذا يروون عنه أنه أنشد الأبيات الثلاثة وفي آخرها كما ترى:

أنت النبي الذي ترجي شفاعته عند الصراط إذا ما زلت القدم

فإن الأعرابي يقر بان الشفاعة لا ترجي من الرسول إلا عند الصراط وذلك يوم القيامة فكيف يطلبها في الدنيا ... .؟ هذا تناقض واضح، واضطراب في الروايات بالغ، يدل كما قلنا على عدم صحة الرواية عن الأعرابي.

والحقيقة ... إنه ليس هناك أعرابي ولا غيره ولا وقعت تلك الحادثة أصلاً إنما حي موجودة في مخيلات من اخترعوها ووضعوها وكذبوا بها على الله وعلى رسوله وعلى الناس أجمعين، فإن كانوا قد تابوا إلى الله مما فعلوا .. وإلا فندعوا الله تعالى أن يعاملهم بما يستحقون من عدله جزاء ما أقترفوا من الآثام فضلوا وأضلوا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

<<  <   >  >>