العلمية للغة العربية لم تتخذ بعد تلك القرارات فمن أين لهم الحق بإلزامنا بمفاهيم مغلوطة خاطئة وعلى فرض أن الناس غيروا مفاهيمهم إلى من إلى مفاهيم القوم فإن الأعرابي كان وجوده قبل تغيير المفاهيم القديمة إلى مفاهيم جديدة وما كان ليدري أن لغة العرب سيطرأ على مفاهيمها هذا ((التحسن الجديد .. !!!)) وبناء على ذلك علينا أن نفهم كلامه مجرداً عن مفاهيم القوم الحديثة أي كما كان العرب يفهمون معاني الألفاظ والكلمات بحسب المدلولات العربية عهدهم.
وعلى هذا الأساس نفهم كلام الأعرابي أو معنى بيته الشعري: أن الناس كانوا يقاسون القحط والجفاف والجوع حتى ذهلت أم الطفل عن طفلها. وها نحن قد قررنا إليك يا رسول الله لتدعو لنا ربك أن يسقينا الغيث فإن دعاءك ليس كدعائنا فأنت رسول الله ومستجاب الدعوة فأعنا على القحط والجوع بدعائك فدعا لهم فأمطروا ويدل على هذا الفهم البيت الذي قبله وهو:
أتيناك والعذراء يدمى لبانها ... وقد شغلت أم الصبي عن الطفل
أي افتتح الأعرابي شكواه بهذا البيت ثم اختتمه بالبيت الأخير:
وليس لنا إلا إليك فرارنا ... وأنى فرار الخلق إلا إلى الرسل
أي لا سبيل إلى نزول المطر والغيث إلا بدعائك لنا الله أن يغيثنا ويمطرنا فصعد الرسول المنبر ودعا لهم فلم يزل يدعو حتى أمطرت السماء.
فأي حجة لكم بهذا الحديث على جواز التوسل بذات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقلنا آنفاً لو أن الأعرابي منصرف النية إلى التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم - لتوسل بذلك وهو في داره وبين أهلاه ولما أتى رسول الله من أهله إلى المدينة إنما قصده لدعائه - صلى الله عليه وسلم - وقد فعل عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم وأزكى التحية.
وإن هذا أي فعل الأعرابي بتكليف الرسول أن يدعو لهم جائز ولا شك وهذا من نوع التوسل بدعاء المؤمن لأخيه المؤمن الذي نوهنا عنه سابقاً في تقسيم أنواع التوسل وأقررنا مشروعيته فليرجع إليه من شاء وعلى هذا فإن متن الحديث - إن صح سنداً - فليس فيه أية حجة لكم أو دليل على جواز ما