للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن نعود فيها إلا إذا شاء ربنا.

علق شعيب عليه السلام عودته إلى ملتهم على مشيئة الله تعالى ... وهذا تأدب بالغ من شعيب عليه الصلاة والسلام بأن رد المشيئة لله وجده مع علمه الأكيد بأن الله تعالى لن يشاء لهم العودة إلى الكفر بعد إذ هداهم إلى الإيمان وهو أعلم بما سيكون منهم بظهر الغيب.

لجأ شعيب عليه السلام إلى الله بأن رد المشيئة إليه وهو يعلم من يستحق الهداية فيهديه ومن يستحق الضلالة فيضله وسع سبحانه وتعالى كل شيء علماً فالمشيئة صفة له تعالى، والعلم صفة له تبارك وتقدس وقد توسل بهما إلى الله تعالى وتوكل على الله في تثبيته على الحق الذي بعثه به إلى قومه فبعد أن توسل بر المشيئة إليه وبعلمه الذي وسع كل شيء وبالتوكل عليه والتقرب بهذا التمجيد والتعظيم رفع الدعاء إليه تعالى: (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق) أي لا يستطيع أحد أن يحول قلوبهم إلى الحق والإيمان والإسلام إلا هو تبارك وتعالى فإن قدر الله إيمانهم وعلم منهم ما سيختارون من الهدى ... فهذا هو المطلوب. وإن كان يعلم منهم أنهم سيظلون في عنتهم وكبريائهم على الحق فدعا أن يحكم بينهم (ربنا افتح علينا بيننا وبين قومنا بالحق) أي افتح علينا بالنصر عليهم وانتقم لنا منهم وعاملهم بما يستحقون (وأنت خير الفاتحين)، أي وأنت خير من ينصر عباده المؤمنين، على من كفر بك واستكبر عن عبادتك.

وهكذا ... فإنك ترى يا أخي المسلم كيف أن شعيباً عليه الصلاة والسلام لم يدع الله إلا بعد أن توسل إليه تعالى بصفاته العُلى وخمته بها كذلك بقوله: (وأنت خير الفاتحين) فاستجاب الله دعاء نبيه ورسوله شعيب عليه الصلاة والسلام بعد أن ظل قومه على ما هم عليه من الكفر ... فأخبر سبحانه بقوله:

(وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيباً إنكم إذا لخاسرون /٩٠/فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين /٩٠/.

<<  <   >  >>