ولكن لا يجوز إن صح قيام الوساطة إلى هذا الكبير للحيلولة دون علله الضارة بمصالح الناس أن يصح قيام هذه الوساطة بين الله وبين خلقه لأن القياس بين الوساطتين قياس مع الفارق إذ أن الله تعالى لا تحول بينه وبين خلقه مثل تلك العلل!!؟
تنزه الله وتقدس وتعالى عن ذلك علواً كبيراً ...
ولعلكم أدركتم فساد قياسكم واقتنعتم بعدم صلاح وروده حجة لكم علينا ومع ذلك نسألكم: لو كان هذا الكبير مشهوراً لدى العام والخاص بإحقاق الحق والعدل وفاتحاً باب الدخول على مصراعيه للناس كافة فيدخل عليه من شاء ويسمع من كل أحد ظلامته ويقضي بها على الشكل الأتم الأكمل من الحق والعدل بلا أية واسطة فبالله عليكم أكنتم تحتاجون إلى واسطة للدخول عليه؟ ستقولون: لا بل ندخل عليه بلا واسطة.
ثم نسألكم أيضاً: بالله عليكم أيكون هذا الذي قضى لكم حوائجكم بلا واسطة أفضل في نظركم أم ذاك الذي جعل دونه ودون مصالح الناس حجاباً فلا يقضي حوائجهم إلا بوسائط في نظركم أفضل ستقولون: بل هذا الذي يقضي حوائجنا بلا واسطة أفضل في نظرنا وفي أنظار الناس جميعاً.
فنقول: يا سبحان الله لماذا لم تفترضوا الأفضل لله تعالى وأنكم لتعلمون أن الله تعالى واجب دائماً في حقه الأفضل والأمثل؟ ولكن يجب أن تعلموا علم اليقين إنكم والله لو شبهتم الخالق الأفضل لكفرتم فكيف وقد شبهتموه بأدنى ما يتصور من الحكام الظالمين الذين لا يوصلون الناس إلى حقوقهم إلا بوساطات المتوسطين وشفاعات الشافعين!!!
فهل شعرتم في عملكم هذا أنكم ما قدرتم الحق قدره هدانا الله وإياكم سواء السبيل وسلكنا وإياكم صراطاً مستقيماً.