ثم يقول ممجداً ربه تعالى بأنه ((فاطر السموات والأرض)) أي خالقها بما ومن فيهما وما بينهما وموجدهما من العدم لا شريك له ولا رب غيره ولا إله سواه.
((عالم الغيب والشهادة)) أي يعلم كل شيء مما يشاهد العباد ومما يغيب عنهم ولا يخفى عليه منه شيء ولا يعلم من الغيب شيئاً أحد من خلقه ... إلا من ارتضى من رسول وأنه - صلى الله عليه وسلم - يعظم ربه بأنه عالم الغيب والشهادة، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ثم يرد في الأرض ولا في السماء. ثم يرد إليه الحكم بين العباد فيما اختلفوا فيه من الحق ويقول: أ، ت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون فأنت الحكم العدل الذي لا يجور.
قدم كل هذه التوسلات إليه بتمجيده وتعظيمه وتقديسه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى ثم شرع يدعو فقال - صلى الله عليه وسلم -: اهدني لما اختلف فيه من الحق بأذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، أي اهدني إلى الحق الذي اختلف فيه الناس لا يهديني إليه إلا أنت إنك تهدي من تشاء ممن يستحق الهداية إلى الحق القويم والصراط المستقيم.
وهكذا فقد رد المشيئة إليه تعالى في الهداية فهو يهدي من يشاء ويضل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير.
إن هذه التوسلات والدعاء الذي تلاها بالإضافة إلى أنه يقرب إلى الرب تبارك وتعالى ودعاء إليه ورغبة، فهو ولا شك تعليم لأمته حتى تقتفى أثره وحض منه - صلى الله عليه وسلم - حتى تقتدي بفعله وتهتدي بهداه وإن خير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -.