والصدقة وقد أنزلت هذه الآية لا نطيقها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)) فلما أقر بها القوم ونطقت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل سبحانه: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)] رواه مسلم، ولفظه: [ ... فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل:(لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) قال: نعم، (ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا) قال: نعم (ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به) قال: نعم (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين قال: نعم] وفي رواية ابن عباس: [قد فعلت]
يتضح من الآيات الثلاث خواتيم سورة البقرة ... ومن حديث الإمام أحمد ولفظ مسلم: أنه شق على المسلمين أن يحاسبوا حتى على أحاديث النفس الخفية ... فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصارحوه بأنهم لا يطيقون ذلك.
لنقف هنا هنيهة ... لنرى تأديب الرسول الأعظم لأمته ونصحه المحض لها .. ولننظر كيف أدبهم ... قال عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي: [أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا ... ؟!!! بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
هكذا الراعي الصالح والرسول الأمين يمحض النصح والتأديب لأمته ولولا هذه النصيحة المخلصة المحضة لهلك المسلمون من قولتهم: هذه آية لا نطيقها!!!
بأبي أنت وأمي يا رسول الله ... أشهد أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة فجزاك الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.