عند ربنا) أي آمنا بالمحكم والمتشابه أنهما من عند الله أنهما من عند الله ولا شك في أن هذا الإيمان الوصف الذي ورد، أي ما علمنا منه طبقناه وما لم نعلم أو كلنا علمه إلى الله تعالى نعم أن الإيمان بذلك هو عمل صالح عظيم ندبنا إليه سبحانه وحضنا عليه وأمرنا به فالخروج عن أمر الله زيغ حذرنا الله منه أي إذا أولنا المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله بما تراه أهواؤنا يكون ذلك سبيلاً إلى الزيغ لا محالة فحتى لا نقع فيه أمرنا أن نتوسل إليه تعالى بالإيمان به وبما أنزل أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا إلى أنه لا يعلم المتشابه إلا الله (وما يذكر إلا أولوا الألباب) أي ما يتعظ بأمر الله والإيمان بما نزل وأنه جميعه حق وصدق وما يفهمه ويعقله ويتدبر معانيه على مراد الله إلا أولو العقول السليمة والمفهوم المستقيمة.
فبعد أن علمنا الله تعالى التوسل إليه بإيماننا بمحكم آياته ومتشابهها أرشدنا إلى الدعاء بعد التوسل بقوله تعالى:(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) ليكون دعاؤنا هذا مستجاباً فقد دعوناه متوسلين إليه بإيماننا بما أنزل في كتابه الكريم أن يثبت قلوبنا على هذا الإيمان ولا يزيعها بعد إذ هداها إلى الحق إنه هو الذي يهب القلوب هدايتها ويجنبها الزيغ والضلال لا يفعل ذلك إلا هو وحده لا شريك له. إنه هو الوهاب لا إله غيره ولا رب سواه.
أخي القارئ المسلم الحبيب: لا شك في أن كل داع إلى الله تعالى: يود ويرغب من صميمه أن يتقبل الله دعاءه ليحصل على ما يود ويرغب ... ولكن هل كل من يدعو يستجاب له ... ؟ فلكي يكون دعاؤه مستجاباً عليه أن يتقيد باتباع الطريقة التي يرضى الله عنها في الدعاء.
وإن الداعي إلى الله تعالى على الطريقة الموافقة لإرشاده وهداه ... يحصل ولا شك على نتيجتين طيبتين.
١ - يحصل على رضاء الله عن عمله ويثيبه عليه ... لأنه أخذ بالهدى الذي دله عليه.