إن الطاعة المطلقة والتوكل على الله من إبراهيم بإسكان ذريته بواد غير ذي زرع عند بيته المحرم ومن أجل أن يقيموا لله وحده الصلاة لا شك أنه عمل صالح عظيم منه - صلى الله عليه وسلم - هذه الطاعة وهذا التوكل وبناء البيت العظيم ... جعل كل هذا العمل الصالح وسيلة منه إليه تعالى ثم دعا الله وقال:( ... فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون).
أي بسب ما أطعتك وتوكلت عليك وبنيت بيتك الحرام اللهم فاجعل أفئدة المسلمين تهوي إليهم بالمحبة أي لذريته التي أسكنها بواد غير ذي زرع ثم إلى ذراريهم إلى يوم القيامة وارزقهم من الثمرات ليكون ذلك عوناً على طاعتهم لك.
ولما كان توسل إبراهيم إلى الله توسلاً شرعياً ويحبه الله ويرضاه استجاب دعاءه كما قال عز وجل: (أم لم نمكن لهم حرماً آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء زرقاً من لدنا ٥٧ - القصص وهذا من لطفه وكرمه ورحمته فها إن الثمرات تترى على الحرم وأهله استجابة لدعاء إبراهيم عليه السلام وتجبى إليه ثمرات كل شيء من كافة أنحاء المعمورة فاللهم أوزعنا أن نشكر نعمتك ...
وهكذا فقد علمت يا أخي المسلم أن التوسل المشروع سبب في استجابة الدعاء لا سيما إذا كان صادراً عن نبي كريم بل من أبي الأنبياء عليه الصلاة والسلام فلا شك أن ذلك كان تلقياً من الله تعالى وتعليماً منه لأن كل عمل يعمله النبي إنما هو وحي من الله سبحانه.
وكلنا يعلم ... أن الأنبياء هم القدوة الصالحة لمن بعدهم وعندها يذكر الله القصة تلك: في القرآن فهو حض منه تعالى لعباده المؤمنين لأن يتقفوا خطوات الأنبياء في أعمالهم وعباداتهم ولأنهم المثل الأعلى للمؤمنين والأسوة الصالحة والقدوة الحسنة في كل شأن من شؤون دينهم ودنياهم ... فإلى هذه القدوة الصالحة والأسوة الحسنة ندعو المؤمنين ليكونوا حقا كما كانوا ... ويعودوا خير أمة أخرجت للناس.
على أن هذه الخيرية على الناس لم تأتهم صدفة ولا اتفاقاً ولا رمية من