للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبئ عن محله في الفضل وعلوّ منزلته في العلم فإنه الذي فتق الكلام ونشره، ووضع فيه الكتب الكثيرة الجليلة التي سارت بها الركبان وبلغت المشرق والمغرب، وضمنها من دقيق الكلام وجليله ما لم يتفق لأحد مثله ... » «١»

فإذا علمنا أن كتب القاضي رحمه الله إنما حوت آراء أبي علي وأبي هاشم، وأن انتصار القاضي في الأغلب كان لأبي هاشم أدركنا منزع قول الحاكم: «وقد صار العدد والعلم والانتساب إلى الاعتزال لأصحاب أبي هاشم، وصار كالأصل لكثرة أصحابه ووفور علمه وصحة مذاهبه» «٢» ورجحنا بذلك انتسابه لأبي هاشم.

بل يمكننا أن نرجح هنا أنه كان من أشهر رجالات المدرسة الجبائية بعد القاضي عبد الجبار بما خلفه من تراث كبير، وبما تركه هذا التراث من أثر واضح في الزيدية المعتزلة الذين بقوا يحكمون اليمن، وبقوا على صلتهم بكتبه إلى العهد الحاضر، ولعله- فوق ذلك- خاتمة هذه المدرسة كما يشير إلى ذلك مؤرخو الزيدية حيث يختمون به (طبقات المعتزلة) - التي شارك هو في كتابتها- فيقول يحيى بن حميد- من أعلام القرن العاشر- بعد أن استعرض هذه الطبقات: «ولنختم ذكر العدلية برأسهم


(١) شرح عيون المسائل ١/ ورقة ١٢٩.
(٢) المصدر السابق ورقة ٥٠ وقال ابن النديم في ترجمة أبي هاشم:
«وكان ذكيا حسن الفهم ثاقب الفطنة، صانعا للكلام مقتدرا عليه قيما به» الفهرست ص ٢٤٧ طبع التجارية.

<<  <   >  >>