مطالعة مقامكم بِمَا سناه الله لجيش الْمُسلمين فِي الْغَزَوَات المنصوصة عَلَيْكُم من الصنع الْكَرِيم، وَأَنَّهُمْ تَعَاهَدُوا مَا بَينهم من ديار الْكفَّار معاهدة الْغَرِيم، وأذاقوا من حلوا بِسَاحَتِهِمْ من أحزاب الظلال طعم الوبال، بَين إحراق الغلات، وَسبي الْحَرِيم، كل ذَلِك من غير قُوَّة وَلَا حول، وَلَا بِفعل منا وَلَا قَول، بل بِقُوَّة الله الَّتِي لَا تضير مَعهَا قلَّة عدد، وإعانته الَّتِي هِيَ خير مدد، وبركة نيتكم الَّتِي هِيَ بعد الله أَسْنَى مُعْتَمد. ورأينا الْآن أَن نصل فيهم النكاية الْمَاضِيَة بالآتية، ونقرن الْغُزَاة الصايفة بالشاتية، وَلَا نقصر الْعَزْم على الْفُصُول المواتية. فأغزينا بالجيش خاصتنا، الحظي لدينا، القايد أَبَا النَّعيم رضوانا أعزه الله وأسعده، ووفقه وأرشده. فنهد لقصده، ونهض بِمَا نعلمهُ من جده، وَتَبعهُ الْجَيْش يكافحه جَيش المزن، وَقد فرق قباله، وطور بأعلام البروج جباله، وصمم لوجهه أَنَفَة من حل الْعَزْم الْمَعْقُود، وثقة باشتمال الْمَكْرُوه على المودود. وَقع التفاوض فِي الْوَجْه الْمَقْصُود، والتماس الْأَثر الْمَحْمُود، وروعيت فِي طَرِيق التَّرْجِيح ضمايم الْوُجُود. فتخلص الْعَزْم على قصد الحفرة الغربية لتَكون المرفقة أسوغ ونكاية الْعَدو فِيمَا يرَاهُ مستخلص قهره أبلغ، وَلِأَن الْجِهَة الَّتِي لإيالتكم هِيَ علينا أهم، والفايدة فِيمَا يخْتَص بهم أَعم. فنازل بعد أَن تلاحقت الجيوش الغربية، حصن قنيط، وَهُوَ من أشهر تِلْكَ الْحُصُون الأطيبية ذكرا، وَأَعْظَمهَا نكرا، وأشدها امتناعا، وأمدها فِي نكاية الْمُسلمين باعا. وَوَافَقَ قَصده وُرُود الْميرَة على سكانه، فانحصر فِيهِ من أوصلها من رجال الْعَدو وفرسانه، وحماة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute