طغيانه. فشرعت العزايم الْمسلمَة فِي قِتَاله، وسالت جداول السيوف إِلَى إطفاء نَار ضلاله، وفوقت السِّهَام إِلَى برج سوره وجلاله، وَأخذ [أَمر الله من] عَن يَمِينه وشماله، والجو مَعَ هَذِه الْحَال مرعد مبرق، وَالنَّهَار قد تجهم وَجهه الْمشرق، وعارض الوبل قد خالط عَارض النبل، وَالْحِيلَة فِي افتتاحه لَا تهدي لسلوك مَا تعرفه من السبل. ثمَّ أذن الله فِي كف أكف الْمَطَر، لتيسير الأمل، وإحراز الوطر، فسفرت الشَّمْس من نقابها، وبرزت مخدرتها من حجاب سحابها، كَأَنَّمَا أعانت على تَكْمِيل المُرَاد، لما تطلعت لمشاهدة الطراد [فرشفت البلل] ، [ونقعت الغلل، وأزاحت الكسل، واستانفت الفعلة الْعَمَل، وعاودت الْمُقَاتلَة الأمل، وحكمت آلَات النقب فِي شارة سوره، فَقَعَدت وخرم أساسها، فاتكأت على دعايم الْخشب واعتمدت. ثمَّ تليت عَلَيْهَا آيَة النَّهَار فخشعت، ثمَّ سجدت، وَدخل الْمُسلمُونَ جفْنه عنْوَة بعد حَرْب أداروا كاسها، وموافقة رَاض النَّصْر سماتها، واعتصم حماته بقصبته، وَقد أحيط بهم إحاطة القلادة بالجيد، وراع تثليثهم تجاوب كلمة التَّوْحِيد، وكاتبتهم صروف المنايا بمرنات الجنايا على المرمى الْبعيد. فأذعن عميدهم عِنْد ذَلِك إذعان العميد، ولجوا فِي طلب الْأمان إِلَى الرُّكْن الشَّديد. فَظهر أَن إِجَابَة سُؤَالهمْ تسهيل على أمثالهم وَمن يجاورهم من أشكالهم، من الْعَمَل الأكيد، والرأي السديد. فتسلم الْمُسلمُونَ الْيَوْم الثَّانِي قصبته، وأورث الله دينه الَّذِي حجب عصبته، وتسنمت رايات النَّصْر هضبته، وحلت كلمة الْإِسْلَام من بعد العطل لبته. وَهَذَا المعقل أيدكم الله، إِلَيْهِ تنْسب الحفرة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute