واستخرنا الله فِي قَصده، وسألناه الْإِعَانَة على فَتحه، وتيسير صعبه، فخلق الله سُبْحَانَهُ عندنَا النهود إِلَيْهِ ضَرْبَة لازب، من غير أَن نريح الْجَيْش، وَلَا نعيد الرَّأْي وأشعنا للحين نفير الْجِهَاد، وَلم نستدع لمأدبة هَذَا الْفَتْح إِلَّا الْأَوْلِيَاء من أهل وَادي آش وسندها، وأقليم الحضرة وَمَا اتَّصل بحوزها، وخيمنا من الْغَد بظاهرها، فِي عَفْو من الإحتشاد، ونقاوة من الرجل، وخف إِلَّا من آلَات الْحَرْب، حرصا على كتمان الْقَصْد، واستصحبنا أعجالا تحمل جوالقات السِّهَام وآلات الْهدم، وماعون النقب من الدبابات والستاير الخشبية، والنفوط والترسة والدرق، إِلَى الحصاصيد والسلالم، وَأَلْقَتْ الحضرة بأفلاذها. فَلم يتَخَلَّف عَنْهَا محتلم فَمن فَوْقه. وبرزوا فِي رَحل الرِّبَا، زادهم الله نَمَاء وَكَثْرَة. وصبحنا ليَوْم الثُّلَاثَاء فجر أولى مظنات لَيْلَة الْقدر من هَذَا الشَّهْر الْمُبَارك، فصكت أسماع من بِهِ طبول الْجِهَاد الَّتِي قدم بهَا الْعَهْد، وانتثرت حواليه رايات الصَّبْر، الَّتِي راق مِنْهَا الْجَيْش، ورف عَلَيْهَا الغر، ودارت بهَا الْمُقَاتلَة الْمسلمَة، الَّتِي لَا يخامرها الرعب، وَلَا يداخلها الذعر، وَهُوَ مصام منيع، وَمَعْقِل شهير وَبلا مُبين. قد صرف إِلَيْهِ الْكفْر لما ملكه عزمه، وأغرى بِهِ همه، فسد ثلمه وَأصْلح خلله وَنظر إِلَى عوراته فأوسعها تحصينا، حَتَّى قطع الأطماع، وتبر الآمال. وَكَانَ بِهِ عدد جم من رُمَاة الشعرا، ومساعير الْحَرْب، وَأولى الشُّهْرَة من السِّلَاح وَالْعدة، كل محسب فِي الْحَاجة، ومغن فِي الشدَّة، إِلَّا أَن الله لَا تغالب قدرته، [وَلَا تطاول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute