خلصت، وأبطال من بعد الْإِقْدَام مَا نكصت، وأقدام ثبتَتْ فِي موقف الهول واستقرت، وقبائل من مرين عَاهَدت الله، فوفت وبرت. وَإِنَّكُمْ لما عقدت الْحَرْب حباها، ورجمت الظنون الكاذبة فِي عقباها، فديتم من دونكم من الْخَلِيفَة بِالنَّفسِ الْحُرِّيَّة بالمجد الخليقة، واقتديتم بأنصار رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي يَوْم الحديقة، وَأَنَّهُمْ رَضِي الله عَنْهُم لما ارْتَابُوا بأوشابهم، وعولوا على أديانهم وأحسابهم، وتبوؤا من الصَّبْر حصونا، ونادى أمراؤهم أَخْلصُوا، فحصلت مِنْهُم كَتِيبَة كَانَت الحملات لَا تهزها، والأهوال لَا تستفزها، حَتَّى علت أيديها، وحيعل بِالْفَتْح الْقَرِيب مناديها، فَمَا كَانَت إِلَّا أَن طلعت شمس غرتكم يحملهَا من الطّرف الْعَتِيق فلك، وخفق مَنْصُور علمكُم يتبعهُ ملك، ويقدمه ملك، ونهد موكبكم يهديه من الرَّأْي صبح، ويحجبه من القتام حلك، وتراكمت من النَّقْع جون السحائب، وَمَاجَتْ على الأَرْض بحور الْكَتَائِب، وضحكت النصول فِي الْيَوْم العبوس، ودارت بَين الرِّجَال للآجال الكؤوس، وأخفرت حرمات المغافر، وتجلت وقاح الْحَرْب بِالْحَدِّ السافر، واشتبهت الطّرق، ورمدت من الأسنة الْعُيُون الزرق، وأجرى الله مقامكم من النَّصْر على عَادَته، وَأثبت فِي دَرَجَة ذَلِك الِاجْتِمَاع سهم سعادته , فَكَذبت من مناويكم الْعَزِيمَة، وصدقت عَلَيْهِ الْهَزِيمَة، وَأدبر إدبار أمسه، وَمضى وهمه نجاة نَفسه، وانقلب مَغْلُوبًا مغلولا يرى الْبَرْق سَيْفا مسلولا، ويحسب الشعاب خيولا، ويظن حمرَة الشَّفق دَمًا مطلولا، وَخلف أنصاره حصيدا، ودياره طلولا، وأنكم ثنيتم الأعنة، والنصر لِوَاء بِكُل ثنية، وعَلى كل راية عناية ربانية، وَالْوُجُوه بادية السفور، وَالْخَيْل دامية النحور، وَالسُّيُوف موردة الخدود، والرماح مختصرة القدود، ومحابر الكنائن خاوية من أقلامها، وموارد السوابغ خَالِيَة بعد أزدحامها، وَالْفَتْح قد فتح لكم بَابه، والنصر حَوْلكُمْ كتائبه، وَفِي يدكم كِتَابه، فَلم نكد نعطي السرُور بِهَذَا النبإ حَقه من الابتهاج والارتياح، وَالشُّكْر لله على فوز القداح، وَتَأْتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute