للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّلَام، وَإِن أحجمت فَمَا أسديت فِي الثَّنَاء وَلَا أفحمت أضعت الْحُقُوق، وقاربت العقوق. هَذَا وَلَو زجرت طير البلاغة من أوكاره، وحييته بعيون الْكَلَام وأبكاره لما قضيت حَقه بعد، وَلَا قلت إِلَّا بِالَّذِي علمت سعد، فقد كَانَ ذمر حزم، وَرجل رَجَاء وعزم، كَانَ بِبَلَدِهِ قطبه الَّذِي عَلَيْهِ الْمدَار، وزعيمه الَّذِي لَهُ الْإِيرَاد والإصدار، وَله إِلَى الْمقَام الْعلي النصري وَسَائِل قربى، ومتات أناف وأربى. لما حل الْملك الْإِسْمَاعِيلِيّ بذلك الْقطر، ولاح بأفقه لياح هِلَال الْفطر، نزع إِلَى فريقه، وَجعل تِلْكَ الإيالة قرى طَرِيقه، وَصَحب ركابه إِلَى قرارة ملكه، ومحط فلكه، فقر بِهِ وَأَدْنَاهُ، وشيد لَهُ الْعِزّ وبناه. وَلم تزل سماؤه تجوده، وروضه يروضه جوده. واصطنعه خَلفه من بعدة إِلَى أَن دَعَاهُ الْأَجَل لوعده، فَفَقَدته بكاينة طريف جبر الله عثارها، وَعجل ثارها، حدث خطيب الْجَامِع الْأَعْظَم، وَهُوَ مَا هُوَ من وفور الْعقل، وَصِحَّة النَّقْل، قَالَ، مَرَرْت بأبيك بعد مَا تمت الكسرة وخذلت تِلْكَ الأسرة وَقد كبا بأخيك الطّرف، وَعرض عَلَيْهِ الْحمام الصّرْف، وَالشَّيْخ لم تزل قدمه، وَلَا راعه عَدمه، وَلما يئس من الْخَلَاص وطلابه صرفني، وَقَالَ أَنا أولى بِهِ فَقضى سعيدا شَهِيدا، لم يستفزه الهول وَلم يثنه، وَلَا ارتضى عَار الْفِرَار عَن ابْنه، وَكَانَت لَهُ فِي الْأَدَب فَرِيضَة، وَفِي النادرة العذبة، منادح عريضة، مَعَ قلَّة انتحاله، واشتغاله بِحَالهِ،

وَمن ذَلِك فِي وصف أبي بكر البلوي من أهل ألمرية

محيى لرسوم المكارم، ذُو هزة للفضائل كهزة الصارم، كَانَ رَحمَه الله بِبَلَدِهِ فِي الْإِحْسَان منزلَة الْعين من جَسَد الْإِنْسَان، والنطق من اللِّسَان والبشاشة من الصُّور الحسان. إِن ضل السماح فبيته مَأْوَاه أَو أظل الضَّيْف فَهُوَ أَبُو مثواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>