نقطة من حَوْضه، وزهرة من أزهار روضه، وسيمر فِي هَذَا الدِّيوَان مَا يبهر الْعُقُول ويحاسن بِرِوَايَة ورائق بهائه الفرند المصقول.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عَمْرو بن عباد من أهل رنده
صوفي مُحَقّق، ومريد عَن صبوح الْمحبَّة مرفق. كَانَ بِبَلَدِهِ رَحمَه الله عينا من أعيانها، وقريع بَيت من بيوتات إحسانها، شام للغرب بارقا، فَأصْبح لدنياه مفارقا، فنزح عَن بِلَاده، وَخرج عَن طريفه وتلاده، وشمر لمقارعة الْهوى وجلاده، وخاض بَحر تِلْكَ الْأَهْوَال حَتَّى صَار معدودا فِي أهل الاحوال، وَظَهَرت عَلَيْهِ سمات الحضرة، وسطعت لَهُ أنوار الْعِنَايَة الإلهية، وَلم يزل يعبر عَن وجده ويكنى بحاجره ونجده، حَتَّى حفظت أَقْوَاله، واشتهرت أَحْوَاله.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي الْوَلِيد بن هاني من أهل غرناطة
شَاعِر ينحت من طود، وماطر صاب من الْكَلَام بجود. عدل عَن اللَّفْظ الْقَرِيب إِلَى الحوشى الْغَرِيب، وَإِذا أجهد طبعه وَوصف حيه وربعه، وَكَيف ظعن الْقطَّان، وتغيرت الأوطان، قلت حجازيا فصيحا أَو تميميا شقّ للْبَيَان ريحًا أَو نجديا شكى بثا وتبريحا. نَشأ بِبَلَدِهِ غرناطة، مطلع نور حَسبه الباهر، وروضة بَيته الأنيق الأزاهر، فشاقى حلبة الطّلب، وفاز بالغلب، واجتهد وَعَكَفَ واستمطر وابل الْعلم لما وكف حَتَّى جلى من المشكلات كل حالك، وَاسْتظْهر موطأ مَالك. ثمَّ رمى السفار بعزمته، وخاض القفار بجرفه وحزمته، وَاسْتقر بعد اعتساف المجاهل، ومزاحمة المناهل، وخوض المرار، والبشام بحماة الشَّام، واتخذها دَارا، وارتضاها لفضله مدارا.
وَمن ذَلِك فِي وصف أبي عبد الله النمري الكفيف من أهل مالقه
[ضَرِير زار نور بَصَره نور قلبه فاجتمعا، وكفيف سَارَتْ الْأَمْثَال بِذكرِهِ فَصدق مرأى مِنْهُ مستمعا] صَادِق اللهجة، سلك سَبِيل الْفضل، وانتهج نهجه،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute