للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قطع المداخلة حَتَّى بَين روحي والجسد، وَغسل الله قلبِي وَله الْحَمد من الطمع والحسد، فَلم أبق عَادَة إِلَّا قطعتها، وَلَا جنَّة للصبر إِلَّا ادرعتها، أما اللبَاس فالصوف، وَأما الزّهْد فِيمَا بأيدى النَّاس فمعروف، وَأما المَال العبيط فعلى الصَّدَقَة مضروف، وَوَاللَّه لَو علمت أَن حَالي هَذِه تتصل، وعراها لَا تنفصل، وترتيبي هَذَا يَدُوم، وَلَا يجيرنى الْوَعْد المحتوم وَالْوَقْت الْمَعْلُوم، لمت أسفا، وحسبي الله وكفا. وَمَعَ هَذَا يَا سَيِّدي، فالموعظة تتلقى من لِسَان الْوُجُود، وَالْحكمَة ضَالَّة الْمُؤمن ببذل المجهود. ويأخذها من غير اعْتِبَار بمحلها المذموم وَلَا الْمَحْمُود، وَلَقَد أعملت نَظَرِي فِيمَا يكافى عَنى بعض يدك، أَو ينتهى فِي الْفضل إِلَى أمدك. فَلم أر لَك الدُّنْيَا كفأ لَو كنت صَاحب دنيا، وَوجدت بذل النَّفس قَلِيلا من غير شَرط وَلَا تنيا. فَلَمَّا ألهمنى الله جلّ جَلَاله إِلَى مخاطبتك بِهَذِهِ النَّصِيحَة المفرغة فِي قوالب الجفا، لمن لَا يثبت عين الصَّفَا، وَلَا يشيم بارقة الوفا، وَلَا يعرف قاذورة الدُّنْيَا معرفَة مثلى من المتدنسين بهَا المنهمكين، وَينظر فِي عوارها الفادح بِعَين الْيَقِين، وَيعلم أَنَّهَا المومسة، الَّتِي حسنها زور، وعاشقها معزور، وسرورها شرور، تبين لى أَنِّي قد كافيت صنيعتك الْمُتَقَدّمَة، وَخرجت عَن عهدتك الملتزمة، وأمحضت لَك النصح الَّذِي يعز بعز الله ذاتك، ويطيب حياتك، وَيحيى مواتك، ويريح جوارحك من الوصب، وقلبك من النصب، ويحقر الدُّنْيَا وَأَهْلهَا فِي عَيْنك إِذا اعْتبرت، ويلاشى عظائمها لديك إِذا اختبرت، كل من تقع عَلَيْهِ عَيْنك حقير قَلِيل، وفقير ذليل، لَا يفضلك بشئ إِلَّا باقتفاء رشد أَو ترك غي. أثوابه النبيهة يجردها الْغَاسِل، وعروته يفصلها الْفَاصِل، وَمَاله الْحَاضِر الْحَاصِل، يعبث فِيهِ الحسام الناصل، وَالله يعين للخلف إِلَّا مَا تعين للسلف، وَلَا يصير الْمَجْمُوع إِلَّا للتلف. وَلَا صَحَّ من الهياط والمياط والصياح والعياط، وَجمع القيراط

<<  <  ج: ص:  >  >>