للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

درويش الأحمد نكرِي على صداقة مَعَ عالمكير بادشاه كرمي، وَكَانَ قد سمع عَن لِسَان إِسْحَاق السليط، فَقَالَ لَهُ: أَلا تخَاف مني يَا إِسْحَاق فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَن نظم قِطْعَة شعر على البديهة مضمونها هُوَ: أَنا اسْمِي إِسْحَاق من مَادَّة سحق، وَأَنت اسْمك عظمت من مَادَّة الْعظم. يَعْنِي يجب أَن يكون أَنا من يسحق عظامك، لذَلِك يجب عَلَيْك أَنْت أَن تخَاف مني وَلَيْسَ أَنا. وَيَوْما كَانَ فِي ضِيَافَة أحد الْمجَالِس، فَلَمَّا فرغ الْمجْلس، فتش عَن حذائه فَلم يجده وَوجد حذاء عتيقا مَكَانَهُ. فَقَالَ للسَّيِّد صَاحب مَا هُوَ هَذَا الْمجْلس الَّذِي يُوجب التشويش والتردد. وَقَالَ على البدية:

(ذهبت إِلَى مجْلِس لم يكن بِالْمَكَانِ الْمُنَاسب لي ... )

(تركت حذائي الْفَرد، فَلم أَجِدهُ ورائي ... )

(أَخذ لص وَوَضعه فِي فرج امْرَأَة ... )

(الشُّكْر الْكثير أَن رجلاي لم تكن فِيهِ ... )

فَمَا كَانَ من صَاحب الْمجْلس إِلَّا أَن جَاءَهُ بحذاء جَدِيد طَالب مِنْهُ الْعذر وَالْعَفو.

(بَاب الْهَاء مَعَ الدَّال)

الْهِدَايَة: وَيَقُول بعض الأحباب فِي تَفْصِيل هَذَا اللَّفْظ الْمُجْمل أَنه لَدَى الأشاعرة هُوَ دلَالَة على مَا يُوصل إِلَى الْمَطْلُوب، وَعند الْمُعْتَزلَة هُوَ إِيصَال إِلَى الْمَطْلُوب، وَالْفرق بَين هذَيْن الْمَعْنيين هُوَ أَن الأول لَا يسلتزم الْوُصُول إِلَى الْمَطْلُوب أما الثَّانِي فَإِنَّهُ مُسْتَلْزم الْوُصُول إِلَى الْمَطْلُوب. وَالْمعْنَى الأول ينْتَقض بقوله تَعَالَى: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} وَهُوَ خطاب موجه إِلَى صَاحب الرسَالَة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. لِأَن الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يهدي الْجَمِيع إِلَى طَرِيق الْحق، وَهَذِه كرامته ومقامه الرفيع.

أما القَوْل الثَّانِي فمنقوض بقوله تَعَالَى: {وَأما ثَمُود فهديناهم فاستحبوا الْعَمى على الْهدى} وَإِذا كَانَت الْهِدَايَة هُنَا بِمَعْنى الدّلَالَة إِلَى الْمَطْلُوب فَإِن الْمَعْنى هُنَا يصبح أَنهم وصلوا إِلَى الْمَطْلُوب وَلَكنهُمْ اخْتَارُوا الضَّلَالَة والعمى. وَالظَّاهِر أَن الْعَمى بعد الْوُصُول إِلَى الْمَطْلُوب غير مُتَصَوّر. وَهل هَذَا إِلَّا تنَاقض فَاحش، وَالْحق أَن الْهِدَايَة لَفْظَة مُشْتَركَة بَين الْمَعْنيين الْمَذْكُورين. وَهَذَا مُخْتَار الطوسي يسْتَعْمل الْمَعْنى للدلالة على مَا يُوصل بالقرائن مثل: {وَأما ثَمُود فهديناهم فاستحبوا الْعَمى على الْهدى} وَأَحْيَانا بِمَعْنى الدّلَالَة الموصولة مثل: {إِنَّك لَا تهدي من أَحْبَبْت} وتفصيل الْقَرَائِن هُوَ أَن الْهِدَايَة أَحْيَانًا متعدية إِلَى مفعول ثَان بِنَفسِهَا مثل: {اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم} . وَأَحْيَانا

<<  <  ج: ص:  >  >>