(بَاب السِّين مَعَ الْوَاو)
سَواد الْوَجْه: عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْفقر سَواد الْوَجْه فِي الدَّاريْنِ) وَالْمرَاد من الْفقر هُنَا الْفقر الاضطراري، إِذا فَالْحَدِيث الشريف يَقع فِي مذمة الْفقر. وَأما عِنْد العارفين فَهُوَ فِي مدح الْفقر وَبَيَان حَقِيقَته وَالْمَقْصُود من وَجه الْحَقِيقَة وَوجه الْمُنَاسبَة هُوَ أَن مُلَاحظَة العارفين الأولى أَن كل شَيْء هُوَ تَعْبِير عَن حَقِيقَته وَقد استدلت هَذِه الطَّائِفَة مِنْهُم على ذَلِك بِأَن تَأتي من الْمُؤثر على الْأَثر وَلَيْسَ من الْأَثر على الْمُؤثر. وَلِهَذَا قَالَ الْخَلِيفَة الأول الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (مَا رَأَيْت شَيْئا إِلَّا وَرَأَيْت الله قبله) .
قَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف قدس سره فِي اصطلاحاته سَواد الْوَجْه فِي الدَّاريْنِ هُوَ الفناء فِي الله بِالْكُلِّيَّةِ.
بِحَيْثُ لَا وجود لَهُ أصلا ظَاهرا وَبَاطنا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَهُوَ الفناء الْحَقِيقِيّ وَالرُّجُوع إِلَى الْعَدَم الْأَصْلِيّ. وَلِهَذَا قَالُوا: ((إِذا تمّ الْفقر فَهُوَ الله)) . (انْتهى) . إِذن سَواد الْوَجْه فِي الدَّاريْنِ مرتبَة عَن الْمَرَاتِب الَّتِي تدل على الْقرب والوصول وَلِهَذَا قَالَ (بزركي) فِي مدح أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ كرم الله وَجهه:
(إِذا مَا كَانَ قنبر اسواد الْوَجْه فِي الدَّاريْنِ ... )
(فَإِن الشَّمْس تَأْخُذ نورها دَائِما من وَجه قنبر ... )
(لقد نقش على صَدره لَا فَتى إِلَّا عَليّ ... )
(وَإِذا لم يكن كَذَلِك فلماذا أرى صُورَة الْفَتى فِي الشَّمْس ... )
(وَلما أصبح صوفي الصّفة صَار صافيا إِلَّا من رَحمته ... )
(فَنزع خرقَة الْعُبُودِيَّة من الْبَاب حَتَّى الشَّمْس ... )
(وَيَوْم الْقِيَامَة عِنْد اعطاء شراب الْكَوْثَر لِلْخلقِ ... )
(فَإِن الشَّمْس تضع الكأس على حَوْض الْكَوْثَر ... )
(وَإِذا أردْت أَن أصنع كَمثل وَجهه بوضوح ... )
(فَإِن خيالي لَا يَسْتَطِيع تصور غير الشَّمْس ... )
(هُوَ الَّذِي عَادَتْ من أجل طَاعَة صلَاته من الْمغرب ... )
(وَإِذا لم تعد فَإِن روحه تذْهب كَمَا ذهبت الشَّمْس ... )
(يشع نورا على جَمِيع الْخلق من الْعَام وَالْخَاص ... )
(أليست الشَّمْس من تُرَاب حَضرته الْمُعْتق ... )
(أرَاهُ غارقا من رَأسه إِلَى قَدَمَيْهِ فِي نور الْمعرفَة ... )
(السنا مخلوقين برحمته فِي هَذِه الشَّمْس ... )