قُلْنَا: قد تسْتَعْمل كلمة لَو للدلالة على أَن عِلّة انْتِفَاء مَضْمُون الْجَزَاء فِي الْخَارِج هِيَ انْتِفَاء مَضْمُون الشَّرْط من غير الْتِفَات إِلَى أَن عِلّة الْعلم بِانْتِفَاء الْجَزَاء مَا هِيَ. أَلا ترى أَن قَوْلهم لَوْلَا لِامْتِنَاع الثَّانِي لوُجُود الأول فِيمَا كَانَ الأول منفيا وَالثَّانِي مثبتا نَحْو لَوْلَا عَليّ لهلك عمر. مَعْنَاهُ أَن وجود عَليّ كرم الله وَجهه سَبَب لعدم هَلَاك عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا أَن وجوده دَلِيل على الْعلم بِأَن عمر لم يهْلك. وَحَاصِل الْجَواب أَن المُرَاد اسْتثِْنَاء نقيض الْمُقدم لَا ينْتج شَيْئا بِحَسب الْعلم أَي عِنْد الِاسْتِدْلَال وَلَيْسَ الْمَقْصُود فِي تِلْكَ الْأَمْثِلَة الِاسْتِدْلَال حَتَّى يرد الْمَنْع وَمعنى بَيت أبي الْعَلَاء لَو دَامَت الدولات كَانَ جَمِيع السلاطين رعايا للْأولِ. وَالْأَقْرَب أَن مَعْنَاهُ لَو دَامَت دولات الَّذين يرغبون عَن طَاعَة الممدوح لكانوا منخرطين فِي سلك رَعيته لَكِن لما لم يقدر عِنْد الله تَعَالَى دوامها عصوه فاستأصلهم الممدوح أَي لَو رَضوا بِأَن يَكُونُوا مُطِيعِينَ للممدوح لما ذهبت دولتهم.
الاستطراد: (خويشتن ااز بيش دشمن بهزيمت دادن براى فريفتن وى) كَذَا فِي تَاج المصادر وَيُرَاد بِهِ فِي الْعُلُوم ذكر الشَّيْء لَا عَن قَصده بل بتبعية غَيره. {اسْتغْفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} أَي لذنب أمتك. فَإِن قيل فَيلْزم حِينَئِذٍ اسْتِدْرَاك قَوْله تَعَالَى {وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} قُلْنَا هَذَا تَخْصِيص بعد التَّعْمِيم لِأَن أمته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث وَسَبْعُونَ فرقة وَالْأَمر بالاستغفار لَيْسَ إِلَّا لوَاحِدَة مِنْهَا وهم الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات أَي الَّذين آمنُوا واعتقدوا على طَريقَة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة. وَإِذا أُرِيد بذنبك ذَنْب النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَلَا يرد الْإِشْكَال الْمَذْكُور. نعم يرد حِينَئِذٍ ثُبُوت الشَّفَاعَة لصغائر الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات دون كبائرهم لِأَن ذنبهم مَخْصُوص بالكبائر بِقَرِينَة قَوْله تَعَالَى لذنبك لِأَن ذَنبه علية الصَّلَاة وَالسَّلَام صَغِيرَة قطعا وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن شَفَاعَة رَسُولنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَامَّة لذنوبهم مُطلقًا صَغِيرَة أَو كَبِيرَة. وَالْجَوَاب أَن الذَّنب فِي أصل الْوَضع شَامِل لَهما وَإِن كَانَ الذَّنب الْمُضَاف إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام هُوَ ترك الأولى أَي الصَّغِيرَة لِأَن الْأَنْبِيَاء معصومون عَن الْكَبَائِر كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه فَافْهَم.
الِاسْتِحْقَاق الذاتي: كَون الشَّيْء مُسْتَحقّا لأمر بِالنّظرِ إِلَى ذَاته دون وَصفه.
والاستحقاق الوصفي: كَون الشَّيْء مُسْتَحقّا لأمر النّظر إِلَى وَصفه دون ذَاته. وَالْمرَاد بِالِاسْتِحْقَاقِ الذاتي والوصفي فِيمَا قَالُوا إِن لله تَعَالَى فِي اسْتِحْقَاقه الْحَمد استحقاقين ذاتي ووصفي. إِن الِاسْتِحْقَاق الذاتي مَا لَا تلاحظ مَعَه خُصُوصِيَّة صفة من جَمِيع الصِّفَات كَمَا يُقَال الْحَمد لله. لَا مَا لَا يكون الذَّات البحت مُسْتَحقّا لَهُ فَإِن اسْتِحْقَاق الْحَمد لَيْسَ إِلَّا على الْجَمِيل وَسمي ذاتيا لملاحظة الذَّات فِيهِ من غير اعْتِبَار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute