جَوَاز اللَّعْن على من قَتله أَو أمره أَو أجَاز بِهِ أَو رَضِي بِهِ. وَالْحق أَن رِضَاء يزِيد بقتل الْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ واستبشاره بذلك وإهانته أهل بَيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِمَّا تَوَاتر مَعْنَاهُ وَإِن كَانَ تفاصيله آحَاد فَنحْن لَا نتوقف فِي شَأْنه بل فِي إيمَانه لعنة الله عَلَيْهِ وعَلى معاونيه انْتهى. وَفِي بعض النّسخ وأعوانه. أَقُول إِن اللَّعْن لَا يكون ضائعا فَإِن كَانَ الملعون مُسْتَحقّا لَهُ وَإِلَّا فَيَعُود اللَّعْن إِلَى اللاعن وَسَأَلت وَالِدي رَحمَه الله تَعَالَى عَن لعن يزِيد قَالَ الْأَحْسَن لمن أَرَادَ أَن يلعن يزِيد أَن يَقُول عَلَيْهِ مَا هُوَ أَهله. أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ إِن مَا صدر عَن يزِيد عَلَيْهِ مَا هُوَ أَهله من الْأَفْعَال والأقوال يتنفر عَنهُ الطباع ويكرهه الآذان كإهانة أهل بَيت النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَحل الْمَدِينَة سِيمَا شَهَادَة أَمِير الْمُؤمنِينَ حُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَغَيرهَا بأَمْره واستبشاره وسروره واهتزازه حِين شَهَادَته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَمَا ثَبت بالتواتر ونطقت بهَا كتب السيرا بكوا على مصائبه ومصائب أهل بَيته وأعوانه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وعنهم أَجْمَعِينَ.
اللّعان: فِي اللُّغَة الطَّرْد والإبعاد مصدر لَاعن يُلَاعن ملاعنة. وَفِي الشَّرْع أَربع شَهَادَات مؤكدات بالأيمان مقرونة باللعن فِي الْخَامِسَة قَائِمَة مقَام حد الْقَذْف فِي حَقه ومقام حد الزِّنَا فِي حَقّهَا وَسمي الْكل لعانا لشروع اللَّعْن فِيهَا كَالصَّلَاةِ يُسمى رُكُوعًا وسجودا لسرعتهما فيهمَا وَصفته أَن يَبْتَدِئ القَاضِي بِالزَّوْجِ فَيشْهد أَربع مَرَّات بِأَن يَقُول فِي كل مرّة {أشهد بِاللَّه أَنِّي لمن الصَّادِقين} فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا وَيَقُول فِي {الْخَامِسَة لعنة الله عَلَيْهِ إِن كَانَ من الْكَاذِبين} فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا يُشِير إِلَيْهَا فِي جَمِيع ذَلِك ثمَّ تشهد الْمَرْأَة أَربع مَرَّات بِأَن تَقول فِي كل مرّة أشهد بِاللَّه أَنه لمن الْكَاذِبين فِيمَا رماني بِهِ من الزِّنَا وَتقول فِي الْخَامِسَة {غضب الله عَلَيْهَا إِن كَانَ من الصَّادِقين} فِيمَا رماني بِهِ من الزِّنَا. وَذكر فِي النَّوَادِر وَهِي أَن تَقول أَنْت من الْكَاذِبين فِيمَا رميتني بِهِ من الزِّنَا فَإِنَّهُ أقطع للاحتمال.
فَإِن قيل إِن اللّعان على مَا قُلْتُمْ من بَاب المفاعلة فَإِنَّمَا يكون بَين اثْنَيْنِ واللعن هَا هُنَا إِنَّمَا هُوَ فِي كَلَام الزَّوْج وَإِمَّا فِي كَلَام الزَّوْجَة فَذكر الْغَضَب فَقَط. قُلْنَا هَذَا من بَاب التغليب كالقمرين على أَن الْغَضَب يسْتَلْزم اللَّعْن وَفِيه مَا فِيهِ وَاللّعان إِنَّمَا يجب بِقَذْف زَوجته وَبِمَا يُوجب قَذفهَا وصلحا شَاهِدين وَهِي مِمَّن يحد قاذفها بِأَن كَانَت مُحصنَة لِأَنَّهَا إِن كَانَت أمة أَو كَافِرَة بِأَن كَانَت كِتَابِيَّة أَو صبية أَو مَجْنُونَة أَو زَانِيَة فَلَا حد وَلَا لعان. وَقيل إِذا كَانَ مَعهَا ولد وَلَيْسَ لَهُ أَب مَعْرُوف لَا يجب اللّعان وَإِن كَانَت من أهل الشَّهَادَة. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِذا كَانَا صالحين لأَدَاء الشَّهَادَة إِذْ لَو كَانَا صبيين أَو عَبْدَيْنِ أَو مجنونين أَو محدودين فِي الْقَذْف أَو كَافِرين فَلَا لعان. فَإِن قيل يشكل على هَذَا سريان اللّعان بَين الزَّوْجَيْنِ الأعميين أَو الْفَاسِقين قُلْنَا هما من أهل الشَّهَادَة وَلِهَذَا لَو قضى القَاضِي بِشَهَادَة هَؤُلَاءِ جَازَ وَإِنَّمَا يجب اللّعان لقَوْله تَعَالَى: (وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute