إذعاني فَافْهَم واحفظ فَإِنَّهُ من الْجَوَاهِر المكنونة. وَعند الأصولين الحكم خطاب الله تَعَالَى الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال الْمُكَلّفين باقتضاء الْفِعْل أَو التّرْك أَو بالتخير فِي الْفِعْل وَالتّرْك. والاقتضاء الطّلب وَهُوَ إِمَّا طلب الْفِعْل جَازِمًا كالإيجاب. أَو غير جازم كالندب. أَو طلب التّرْك جَازِمًا كالتحريم. أَو غير جازم كالكراهة التحريمية -. وَالْمرَاد بالتخيير الْإِبَاحَة - وَفِي التَّوْضِيح وَقد زَاد الْبَعْض أَو الْوَضع ليدْخل الحكم بالسببية والشرطية وَنَحْوهمَا.
اعْلَم أَن الْخطاب نَوْعَانِ: إِمَّا تكليفي وَهُوَ الْمُتَعَلّق بِأَفْعَال المتكلفين بالاقتضاء أَو التَّخْيِير وَإِمَّا وضعي وَهُوَ الْخطاب بِالْوَضْعِ بِأَن يكون هَذَا سَبَب ذَلِك أَو شطر ذَلِك كالدلوك سَبَب لصَلَاة الظّهْر وَالطَّهَارَة شَرط لَهَا - فَلَمَّا ذكر أحد النَّوْعَيْنِ وَهُوَ التكليفي وَجب ذكر النَّوْع الآخر وَهُوَ الوضعي وَالْبَعْض لم يذكر الوضعي لِأَنَّهُ دَاخل فِي الِاقْتِضَاء أَو التَّخْيِير لِأَن الْمَعْنى من كَون الدلوك سَببا للصَّلَاة أَنه إِذا وجد الدلوك وَجَبت الصَّلَاة حِينَئِذٍ وَالْوُجُوب من بَاب الِاقْتِضَاء لَكِن الْحق هُوَ الأول لِأَن الْمَفْهُوم من الحكم الوضعي تعلق شَيْء بِشَيْء آخر وَالْمَفْهُوم من الحكم التكليفي لَيْسَ هَذَا وَلُزُوم أَحدهمَا للْآخر فِي صُورَة لَا يدل على اتحادهما انْتهى.
وَالْحكم: بِكَسْر الْحَاء وَفتح الْكَاف جمع الْحِكْمَة.
الْحكمِيَّة: بِضَم الْحَاء وَسُكُون الْكَاف النِّسْبَة الْحكمِيَّة أَي النِّسْبَة الَّتِي هِيَ مورد الحكم. وبكسر الْحَاء وَفتح الْكَاف وَالْمِيم وَالْيَاء الْمُشَدّدَة موصوفها الْمُقدمَات أَو الْحَقَائِق يُقَال مُقَدمَات حكمِيَّة وحقائق حكمِيَّة. وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره الْقيَاس فِي لَفْظَة الْحكمِيَّة تسكين الْكَاف لَكِن الْمُسْتَعْمل تحريكها بِالْفَتْح كَمَا فِي لفظ الأرضية انْتهى. وَوجه الْقيَاس أَن يَاء النِّسْبَة ترد الْجمع إِلَى الْمُفْرد وَالْأَصْل كالتصغير. وَأَنت تعلم أَن الحكم بِكَسْر الْحَاء وَفتح الْكَاف جمع الْحِكْمَة كَمَا مر فِي الحكم.
الْحِكْمَة الْمَنْطُوق بهَا: هِيَ علم الشَّرِيعَة والطريقة.
الْحِكْمَة الْمَسْكُوت عَنْهَا: هِيَ أسرار الْحَقِيقَة الَّتِي لَا يطلع عَلَيْهَا عُلَمَاء الرسوم والعوام على مَا يَنْبَغِي فتضرهم أَو تهلكم كَمَا رُوِيَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجتاز فِي بعض سِكَك الْمَدِينَة مَعَ أَصْحَابه فأقسمت عَلَيْهِ امْرَأَة أَن يدخلُوا منزلهَا فَدَخَلُوا فَرَأَوْا أَوْلَاد الْمَرْأَة يَلْعَبُونَ حولهَا فَقَالَت يَا رَسُول الله أرْحم بعباده أم أَنا بأولادي فَقَالَ بل الله أرْحم الرَّاحِمِينَ - فَقَالَت يَا رَسُول الله أَترَانِي أحب أَن ألقِي وَلَدي فِي النَّار قَالَ لَا - قَالَت فَكيف يلقِي الله عبيده فِيهَا وَهُوَ أرْحم بهم. قَالَ الرَّاوِي فَبكى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ هَكَذَا أُوحِي إِلَيّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute