للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّحْقِيق يَقْتَضِي امْتِنَاعه. وَمَا يُقَال أَي فِي الْجَواب عَن أصل الْإِشْكَال أَن الْوُجُود الَّذِي هُوَ عين ذَات الْبَارِي هُوَ الْوُجُود الْخَاص والوجود الْمُطلق عَارض لَهُ وَهُوَ غَيره فَيكون الْوُجُود الْخَاص الَّذِي هُوَ عينه مقتضيا للوجود الْمُطلق وَهُوَ المُرَاد من قَوْلهم إِن وجوده تَعَالَى تَقْتَضِيه ذَاته فَلَيْسَ بِشَيْء لِأَن معنى اقْتِضَاء الذَّات الْوُجُود أَن تَقْتَضِي الذَّات كَونه مَوْجُودا لَا أَن تَقْتَضِي كَونه فَردا من أَفْرَاد الْوُجُود فَإِن الْوَاجِب مَا تَقْتَضِي ذَاته كَونه مَوْجُودا كَمَا أَن الْمُمْتَنع مَا تَقْتَضِي ذَاته كَونه مَعْدُوما. والممكن مَا لَا تَقْتَضِي ذَاته كَونه مَعْدُوما وَلَا كَونه مَوْجُودا فاقتضاء الْوُجُود الْخَاص للوجود الْمُطلق بِأَن يكون فَردا من أَفْرَاده لَا يكون وجوبا إِذا لَو كَانَ الْوَاجِب مَا تَقْتَضِي ذَاته أَن يكون وجود الكان الْمُمْتَنع مَا تَقْتَضِي أَن يكون مَوْجُودا لَا وجود أَو مَا تَقْتَضِي ذَاته أَن يكون مَعْدُوما لَا عدما كاجتماع النقيضين وَشريك الْبَارِي مثلا فِي قسم الْمُمكن إِذْ لَا مجَال لقسم آخر انْتهى.

الْإِمْكَان الْعَام: يُفَسر تَارَة بسلب الضَّرُورَة الذاتية عَن الْجَانِب الْمُخَالف للْحكم كَمَا هُوَ الْمَشْهُور. وَتارَة بسلب الِامْتِنَاع الذاتي عَن الْجَانِب الْمُوَافق لَهُ. فإمكان الْإِيجَاب مَعْنَاهُ على التَّفْسِير الأول عدم ضَرُورَة السَّلب وعَلى التَّفْسِير الثَّانِي عدم امْتنَاع الْإِيجَاب. وَإِمْكَان السَّلب مَعْنَاهُ عدم ضَرُورَة الْإِيجَاب على التَّفْسِير الأول وَعدم امْتنَاع السَّلب على التَّفْسِير الثَّانِي. فَمَعْنَى كل إِنْسَان كَاتب بالإمكان الْعَام أَن عدم الْكِتَابَة لَيْسَ بضرورية أَو الْكِتَابَة لَيْسَ بممتنع لذات الْإِنْسَان. وَقس عَلَيْهِ لَا شَيْء من الْإِنْسَان بكاتب بالإمكان الْعَام.

وَلَا يخفى: عَلَيْك أَن التفسيرين متساويان تحققا فَإِن ضَرُورَة أحد الطَّرفَيْنِ تَسْتَلْزِم امْتنَاع الطّرف الآخر فعدمها عَدمه.

الْإِمْكَان الْخَاص: سلب الضَّرُورَة عَن الطَّرفَيْنِ مثل كل إِنْسَان مَوْجُود بالإمكان الْخَاص يَعْنِي أَن وجوده لَيْسَ بضروري وَكَذَا عَدمه وَالله تَعَالَى لَيْسَ مُمكنا بالإمكان الْخَاص لكنه مُمكن بالإمكان الْعَام الْمُقَيد بِجَانِب الْوُجُود أَي الْإِيجَاب. وَشريك الْبَارِي أَيْضا مُمكن لَكِن بالإمكان الْعَام الْمُقَيد بِجَانِب الْعَدَم أَي السَّلب. وَاعْلَم أَن لفظ الْإِمْكَان مُشْتَرك بالاشتراك اللَّفْظِيّ بَين الْإِمْكَان الْعَام والإمكان الْخَاص. ثمَّ الْإِمْكَان الْعَام قد يُرَاد بِهِ سلب الضَّرُورَة عَن أحد الطَّرفَيْنِ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى عَام. وَقد يُرَاد بِهِ سلب الضَّرُورَة عَن الْجَانِب الْمُقَيد بالوجود. وَقد يُرَاد بِهِ سلبها عَن الْجَانِب الْمُقَيد بِالْعدمِ فَافْهَم واحفظ فَإِنَّهُ ينفعك فِي كثير من المطالب.

الْأَمَانَة: حفظ شَيْء وَعدم التَّصَرُّف فِيهِ سَوَاء كَانَ مَالا أَو غَيره وَسَوَاء كَانَ ذَلِك الشَّيْء مَمْلُوكا لَهُ أَو لغيره وَلِهَذَا صَارَت أَعم من الْوَدِيعَة. وَقَالَ الشَّيْخ الإِمَام بدر الدّين رَحمَه الله الْفرق بَين الْوَدِيعَة وَالْأَمَانَة بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوص فالوديعة خَاصَّة وَالْأَمَانَة عَامَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>