الأَرْض الَّتِي أَعْطَاهَا السُّلْطَان أَو نَائِبه. وَإِن استفتى من الْعلمَاء أَن زيدا مثلا ذهب إِلَى السُّلْطَان أَو نَائِبه فَأعْطَاهُ يومية أَو أَرضًا أنعاما وَالْتمس مِنْهُ أَن يكْتب اسْم ابْنه أَو متعلقاته أَو خادمه فِي التوقيع والسند لَا اسْمه بالتخصيص وَكَانَ لَهُ فِي ذَلِك مصلحَة وَوجه من الْوُجُوه فَفِي هَذِه الصُّورَة هَل يبْقى لزيد حق التصريف فِي الأَرْض واليومية أم لَا بينوا توجروا فَالْجَوَاب أَن الْحق لزيد بَاقٍ وَلَيْسَ لغيره فِي ذَلِك حق أصلا كَمَا فِي الْمُحِيط والنوازل من حضر بَين يَدي السُّلْطَان أَو نَائِبه وَأَعْطَاهُ أنعاما مخلدا بالمشافهة فَهُوَ حق لَهُ وَإِن ارتسم فِي التوقيع اسْم غَيره فَلَا حق لصَاحبه انْتهى. أَي لصَاحب ذَلِك الِاسْم. وَالْمرَاد بالأنعام هَا هُنَا مَا يُعْطِيهِ السُّلْطَان أَو نَائِبه سَوَاء كَانَ أَرضًا أَو يومية فَافْهَم واحفظ.
الانفعاليات والانفعالات: اعْلَم أَن الكيفيات المحسوسة بِإِحْدَى الْحَواس الظَّاهِرَة إِن كَانَت راسخة أَي غير زائلة بالسرعة وَإِن كَانَت تَزُول بعد مُرُور الْأَزْمَان أَولا كحلاوة الْعَسَل وملوحة مَاء الْبَحْر فتسمى انفعاليات وَإِن كَانَت غير راسخة أَي زائلة بالسرعة كصفرة الوجل وَحُمرَة الخجل فتسمى انفعالات وَالْيَاء فِي الانفعاليات للتَّأْكِيد وَالْمُبَالغَة كالأحمري لشدَّة الْحمرَة. وَإِنَّمَا سميت تِلْكَ الكيفيات انفعاليات لانفعال الْحَواس عَنْهَا لِأَن حلاوة الْعَسَل تصل إِلَى الذائقة فَهِيَ تنفعل وَتقبل أَثَرهَا فَهَذَا من قبيل تَسْمِيَة السَّبَب باسم الْمُسَبّب. وَكَذَا تَسْمِيَة الكيفيات الْغَيْر الراسخة بالانفعالات من هَذَا الْقَبِيل لِأَن الْحَواس أَيْضا تنفعل عَنْهَا إِلَّا أَنهم حاولوا الْفرق بَين الاسمين للْفرق بَين المسميين بإلحاق الْيَاء للْمُبَالَغَة باسم الأولى وحذفها عَن اسْم الثَّانِيَة تَنْبِيها على شدَّة الانفعال فِي الأولى وقصوره وَعدم ثباته فِي الثَّانِيَة فَافْهَم.
الْإِنْشَاء: إِيجَاد الشَّيْء الَّذِي يكون مَسْبُوقا بمادة وَمُدَّة. والإنشاء الْمُقَابل للْخَبَر هُوَ الْكَلَام الَّذِي لَيْسَ لنسبته خَارج تطابقه ليَكُون صَادِقا وَلَا تطابقه ليَكُون كَاذِبًا فَهُوَ لَا يحْتَمل الصدْق وَالْكذب. وَقد يُطلق على فعل الْمُتَكَلّم أَعنِي إِلْقَاء الْكَلَام الإنشائي. وَقد يُرَاد بِهِ قوم إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَاعْلَم أَن فِي دُخُول الْإِنْشَاء فِي الْإِيمَان بِأَن يُقَال أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله تَعَالَى اخْتِلَافا. قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَأَصْحَابه أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يَقُول أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله وَعَلِيهِ اجْتِمَاع الْأَكْثَرين لِأَن هَذَا القَوْل إِمَّا للشَّكّ فِي إيمَانه فَهُوَ كفر الْبَتَّةَ فَالْوَاجِب تَركه وَعدم جَوَازه مُتَّفق عَلَيْهِ وَإِمَّا للتأدب وإحالة الْأُمُور إِلَى مَشِيئَة الله تَعَالَى، أَو للشَّكّ فِي الْعَاقِبَة والمآل، لَا فِي الْآن وَالْحَال، أَو للتبرك بِذكر الله، أَو للتبرأ عَن تَزْكِيَة نَفسه والإعجاب بِحَالهِ فجوازه بالِاتِّفَاقِ. أما أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى يرى تَركه أولى لِأَنَّهُ يُوهم بِالشَّكِّ الْمُوجب للكفر وَلَكِن كثيرا من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ استحسنه وَهُوَ المحكي عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى. وَقَالَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح العقائد النسفية وَلما نقل عَن بعض الأشاعرة أَنه يَصح أَن يُقَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute